الأربعاء، 11 نوفمبر 2009

الأعذار والاعتذار

"لا تتأسف"
"أنا أصلاً ما أزعل منك"
"أنا مو قصدي أخليك تعتذر"
"مافي داعي للاعتذار"

أمثال هذه العبارات نقولها أو نسمعها عندما تكون هناك مشاحنات في العلاقات المقربة . ولا أدري حقيقة هل هذه العبارات صادرة من قلب وبمعناها الذي تقوله حروفها ، أم أنها عبارات من باب المبالغة فقط لا غير !
هل أثناء ارتفاع أصواتنا مع مقربينا لا نهدف فعلاً إلى تبرئة أنفسنا ، وإلقاء اللائمة عليهم ؟؟
وهل لا نغضب فعلاً إذا ما أساء الآخر إلينا ؟؟
أو حتى لو لم يسئ إلينا وأسأنا نحن الفهم ؟؟
هل نحن حقيقة لسنا بحاجة إلى الاعتذار ؟؟

أغلب الظن أننا نبالغ ولا نعبر فعلاً عما نشعر به ! فمن منا ليس بحاجة للاعتذار ؟؟ ومن منا لم يسأل نفسه إذا لم يعتذر الآخر "ليش ما يعتذر ؟" أو "يعني أنا مالي قدر عنده عشان يعتذر ؟" أو "كيف يكلمني وكأن ما صار شي وبدون مايعتذر ؟"

الاعتذار يصفي النفوس ويذهب غيظ القلوب ويثبت للآخر مقدار محبتك واحترامك له . وقد يغني قليل من التوضيح بعد هدوء العاصفة عن اعتذار ثقيل متأخر .
والمعتذر شخص شجاع ، يكسب بشجاعته قلوب أعداءه قبل قلوب أصدقاءه . وليس أبخل ولا أجفى ممن يبخل بمشاعره ويجفى مقربيه عن اعتذار أو توضيح لما صدر منه . فتجده لنفسه بارعاً في اختلاق الأعذار ، بخيلاً في الاعتذار !

إذا أخطأت فاعترف بخطأك ، دون أن تبرر نفسك للآخر أثناء الاعتراف والاعتذار . فليس أسوأ من أن تشرك الآخر في خطأك وتشعره أنه لولا أنه قال كذا أو فعل كذا لما بدر منك ماكان ! اعترف بتقصيرك وخطأك وأنت تعنيه وأنت تنظر في العينين مباشرة ، حتى يشعر الآخر بصدق مشاعرك .

وإذا أساء أحدهم إليك فالتمس له العذر على قدر طاقتك ، وعلى قدر معرفتك به . فإن وجدت الحق معك فعبر للآخر عما يدور في خلدك وعن مشاعرك السالبة ، ولا تنكر استيائك إذا ما حاول سؤالك عما بك ، فإنه لم يسألك إلا لاهتمام بك .
ولكن ليحذر المعتذر من محاصرة الآخر بالسؤال ، فبعضهم يهدأ من تلقاء نفسه ، ويحتاج مساحة ووقتاً لهذا الهدوء . وبعضهم يخجل من التصريح باستيائه لتفاهة السبب ، أو لكثرة تكراره ، أو أنه لا يريد أن يشعر الآخر بأنه يغضب من أتفه الأسباب ، أو لأي سبب آخر .

إذا وجدت نفسك قادراً على الاعتذار والاعتراف ، فاعرف أنك شجاع . وإن وجدت نفسك تختلق الأعذار ، ويحول كبرياؤك دونك والاعتراف والاعتذار ، فاعرف أن بك نزعة من غرور ، أو أن الآخر لا يعني لك الكثير !!

همسة للقلوب الرقيقة: أرقى أنواع الاعتذار ، هو ما كان لخالقك ، على ما بدر منك من تقصير أو سوء أدب أو استغلال لإمهاله لك بتجرؤك على محارمه .
أستغفر الله الذي لا إله إلا هو الحي القيوم وأتوب إليه .