السبت، 25 يوليو 2009

ساعدوا الشيطان .... ببلاش !

خرج علينا الشاب السعودي مازن عبد الجواد في قناة LBC واصفاً حياته الجنسية ، طاعناً في نساء جيرانه ، ومظهراً نساء السعودية بمظهر الماديات اللواتي قد يبعن أنفسهن من أجل المادة ! وعرض أدواته الرخيصة بوقاحة وإباحية ، فجاهر بالمعصية وخدش الحياء ، وخدش كرامة شعب وكرامة وطن ..

وعلى قدر ما تتباين وجهات النظر حول أي قضية ، إلا أن قضية مازن عبد الجواد لاقت ردة فعل واحدة ، وهي اللعن والسب والشتم والمطالبة بأقصى العقوبات لهذا المارق المأفون ، ووصمه بأبشع وأقذر العبارات وكأن واصمه وشاتمه ولاعنه منزه عن الخطأ ! هذا غير بعض المعوقين ذهنياً اللذين وصفوه بـ "بقايا الحجاج" وأن هذه الأفعال الحقيرة لا تصدر إلا من المتسعودين ؛ وكأن السعوديين "عيال الحمولة" لا يخطئون ومايجيبون العيد ولا حتى ويك إند !!!!

لن أدافع عن هذا الشخص ، ولن أبرر أفعاله ولن أحللها ، بل سأحلل ردود الأفعال التي تشعر من قوتها بأن مطلقيها آلهة لم يخطئوا ولم يذنبوا في حياتهم .. إن كان ذنب مازن أنه جاهر بالمعصية ، فكثيرون في حياتنا اليومية يجاهرون بمعاصيهم ومغامراتهم المغربية والدمشقية والمحلية في المجالس والمنتديات ، بل ويتفاخرون بها أمام القاصي والداني وأمام الأجانب وغير المسلمين أيضاً وعلى ملأ اليوتيوب .. فلماذا الآن هذا التقريع الشديد لمازن وقد جاهر كما يجاهرون وأذنب كما يذنبون ؟؟

سافروا للخارج بدءاً من الدول الأقرب فالأبعد لتروا أفعال السعوديين جهاراً نهاراً ، غير مبالين بسمعة السعودية أو بسمعة الإسلام ! بل قبل أن تسافروا وأنتم في الطائرة سترون البوادر ابتداءً من "تشليح" العبايات ورميها في كيس مكرمش ، وانتهاءً بالتحرش بالمضيفات ..
التدخين والتفحيط والمغازلة وإسبال الثياب ورفع صوت الأغاني في الشوارع ، بل محلات بيع أشرطة الأغاني بحد ذاتها كلها مجاهرة بمعاصي ، لماذا لم تقم قائمة الشعب على هذه الذنوب وعلى المجاهرين بها ، أم أنها من كثرتها أصبحت علكة قديمة بصقناها وبحثنا عن غيرها و لم ننتبه لمرارة طعمها !!!!

لا ألوم الشعب على غيرته وحميته ، بل ألومه على عدم عقلانيته وعدم موضوعيته ، ونظرته الدائمة للأمور بمنظار عاطفي حماسي متعجل .. مالفرق بين مازن وبين أكبر مختلس ومستغل لمنصبه في الدولة يقول بأعلى صوته عند شكوى أحدهم "أعلى مافخيلك اركبه" ؟؟؟؟ أليسوا سواءً في المجاهرة ؟؟؟

روى أبو هريرة - رضي الله عنه - أن رسول الله صلى الله عليه وسلم أتي برجل قد شرب الخمر فقال : اضربوه . فمنا الضارب بيده والضارب بثوبه والضارب بنعله . ثم قال : بكتوه فأقبلوا عليه يقولون : ما اتقيت الله ما خشيت الله وما استحييت من رسول الله - صلى الله عليه وسلم - فقال بعض القوم : أخزاك الله . قال : لا تقولوا هكذا لا تعينوا عليه الشيطان ولكن قولوا : اللهم اغفر له اللهم ارحمه . (هداية الرواة 3/439)

مازن أخطأ وعليه من الله ما يستحق ، ولكن لا جدوى من سبه والفرح بالقبض عليه والشماتة فيه ، بل الأصل أن نعمل بسنة نبينا ، ولعل مازن قد تاب الآن توبة ، لو وزعت على أهل جدة لكفتهم .. لكن وش أقول عن شعب طفشان ما صدق قضية تصير عشان يجلس يلوك فيها غير : ساعدوا الشيطان على أخيكم ، اعملوا لحساب الشيطان .. لكن تراكم تشتغلون متعاونين لحسابه ببلاش !!

اللهم اغفر لمازن ..
اللهم ارحم مازن ..

السبت، 18 يوليو 2009

أصولنا بنغالية

يهكرون على خطوط الهاتف في أوكار للاتصالات المحوّلة ..
يخالفون أنظمة الإقامة ..
يخالفون أنظمة العمل ..
ينسقون و يقيمون حفلات الرذيلة ..
يهرّبون و يصنعون الخمور و برامج الحاسوب المقلدة والمزورة ..

كل ما سبق أمثلة عن بعض نشاطات أهل البنغال .. أو العمالة البنغلاديشية في السعودية ..
ولنقارن بين هذه العمالة المغضوب عليها في السعودية وبين بعض السعوديين (أو معظمهم في نظري) المقيمين في الخارج ؛ سواءً لدراسة أو عمل أو خلافه ..
فالسعوديون يريدون التحايل على شركات الاتصالات في بلد الإقامة ، والحصول على أرخص أسعار المكالمات الدولية (هذا إن ماجابوها بلاش عشان يتصلون على أمهاتهم اللي ماعرفوهم غير في الغربة) .. ولايخجلون من التصريح عن طلبهم للبرامج الحاسوبية والأجهزة الالكترونية التي تسهل عليهم هذا التحايل !
وكثير منهم يخالف أنظمة إقامة البلد الذي استقبله ، بل يخالف أنظمة السفارات السعودية فلا يبلغهم بدخوله أو خروجه من البلد ، ثم يلهث إليهم عند مواجهته أي مشكلة ! وكمداخلة ليس لها علاقة بالموضوع .. كيف تتوقع أن تعترف بك السفارة السعودية أمام جهات البلد المختصة عندما يسرق جواز سفرك - مثلاً - وأنت لم تسجله في السفارة منذ البدء ؟؟ (مالنا علاقة بهالموضوع الحين ، بس خطرت في بالي لأنها حصلت مع شخص مبتعث سُجن لمدة سنة)
وكثير من السعوديين يخالف أنظمة الابتعاث السعودية والأجنبية المانعة على الطلاب الجمع بين الدراسة والعمل !
وكثير منهم ينسقون ويقيمون حفلات الرذيلة بكل أنواعها ، بل بعضهم لم يسافر إلا لذاك !!!
وكثير منهم (بل كلهم) يستخدم التحميل غير الشرعي من الانترنت ، ولا يتورع عن شراء ونسخ البرامج والاسطوانات المدمجة المسروقة والمشبوهة ، مهما كان محتواها !

الآن وبعد هذا العرض السريع وغير المفصل .. يتبادر إلى ذهني أسئلة تقرقع في صدري ..
لماذا نصبّ جام غضبنا على العمالة البنغالية في السعودية ونطالب بإبعادهم وإقصاءهم عن السعودية ، بينما نحن نمارس نفس الأفعال - و ربما أسوأ - في بلاد الغربة (وفي السعودية أيضاً) ؟؟؟
لماذا نتشدق بالدين والعادات والتقاليد في السعودية فقط ، وفي الخارج نرفع شعار : ديرة مو ديرتك "...." فيها وانت واقف ؟؟
لماذا نصف البنغاليين بالمجرمين والمفسدين في الأرض عند ارتكابهم لأفعال شائنة ، في الوقت الذي نبرر لأنفسنا أفعالنا الشائنة بقولنا : هذولي كفار يستاهلون !!!!!!

أفعالنا و أفعالهم سواء .. فإما أن نكون أفضل منهم و أرفع قدراً بصفة عامة (وهذا مالا يمكن إثباته) بحيث نصبح منزهين عن أن يتنقصنا أحد أو يسخر منا وبحيث يصبح من حقنا فعل ما نشاء وقتما نشاء أينما نشاء ..
و إما أن نكون مثلهم فعلاً (وهذه هي الحقيقة) ووقتها ماينفعش نرمي الناس بالطوب وبيتنا من زجاج .. فأنصح بأن نبحث جيداً في أصولنا و أصولهم .. فمن المؤكد أن أصولهم عربية ، أو أن أصولنا بنغالية !

السبت، 11 يوليو 2009

موز وماء بارد

مجموعة من العلماء و ضعوا خمسة قرود في قفص واحد .. و في منتصف القفص يوجد سلم ، وفي أعلى السلم هناك بعض الموز ..
في كل مرة يرتقي السلم أحد القرود لأخذ الموز ، يرش العلماء باقي القرود بالماء البارد ..
بعد فترة بسيطة ، أصبح كل قرد يحاول أخذ الموز , يقوم الباقون بمنعه و ضربه حتى لا يتم رشهم بالماء البارد !
بعد مدة ، لم يجرؤ أي قرد على ارتقاء السلم لأخذ الموز على الرغم من كل الإغراءات ، خوفاً من الضرب ..

بعدها قرر العلماء أن يقوموا بتبديل أحد القرود الخمسة بقرد جديد ..
أول شيء قام به القرد الجديد أنه حاول ارتقاء السلم ليأخذ الموز ، ولكن القرود الأربعة الباقين ضربوه و أجبروه على النزول !
وبعد عدة مرات من الضرب ، فهم القرد الجديد بأن عليه أن لا يرتقي السلم مع أنه لا يدري ما السبب !!!!!

قام العلماء أيضا بتبديل أحد القرود القدامى بقرد جديد ، و حلّ به ما حل بالقرد البديل الأول .. حتى أن القرد البديل الأول شارك زملائه بالضرب و هو لايدري لماذا يضرب !!
و هكذا حتى تم تبديل جميع القرود الخمسة الأوائل بقرود جديدة ، حتى صار في القفص خمسة قرود لم يرش عليهم ماء بارد أبداً ..
و مع ذلك يضربون أي قرد تسول له نفسه ارتقاء السلم دون أن يعرفوا ما السبب الفعلي لفعلهم هذا !!!!

لو فرضنا أننا سألنا القرود لماذا يضربون القرد الذي يرتقي السلم ، فبالتأكيد سيكون الجواب : لا ندري .. ولكنا وجدنا آباءنا وأجدادنا له ضاربين !!!!!!

تكلمت في مقالي السابق "نظام سابا" عن موروثات الأقوال ، ومايؤدي بعضها من التمسك بمعتقدات خاطئة تسيطر على أفعالنا فتجعلنا أسرى لها عن التغيير للأفضل والأصح ، دون أن نعطي الفرصة لأنفسنا بالتفكير فيها وفي جدوى العمل بها وتوارثها ..
وتجربة القرود والموز والماء البارد إكمال لمقالي السابق ، ولكنها تتحدث عن موروثات الأفعال .. أو لأكن أكثر دقة ..... إنها تتحدث عن موروثات المجتمع المندرجة تحت بند "العادات والتقاليد" وتحت بند "ممنوع الاقتراب" !!

هذه التجربة مثال مصغر لما حكاه الله سبحانه وتعالى في كتابه العزيز عن الأمم الغابرة التي عبدت مخلوقات من دونه ، فكانت إجابتهم لرسلهم موحدة (إنا وجدنا آباءنا على أمة وإنا على آثارهم مقتدون) وكأنهم يتوراثون هذه الإجابة (أتواصوا به بل هم قوم طاغون) ..
الفرق بين الحالتين ، أن الأمم الغابرة كانت تردد الإجابة وفقاً لما تعتقده دينياً ، بينما مجتمع القرود (عفواً أقصد مجتمعنا) يردد ويتصرف بناءً على مايعتقده اجتماعياً ..
ولا يخفى على جاهل أن كثيراً من بعض موروثاتنا الاجتماعية لا توافق كتاباً ولا سنة ، ومع ذلك نجد بعضهم لا يزال يتمسك بها ويعمل بها ويتوارثها .. بل وقد يصل به الأمر لحدّ إيذاء من يتعرض له بالنصح !!

وكمثال على سواد بعض عاداتنا (وأثق أنكم بعد قراءة المقال ستزور عقولكم أمثلة أكثر) مسألة الحجر على بنت العم !!!
ومسألة عدم قيادة المرأة للسيارة .. ومسألة لهف ثلاثة أرباع مهر الفتاة بحجة أن هذه تكلفة التربية !!!! (التربية غليت في البلد !!)
وكذلك مسألة عدم كشف المرأة وجهها لزوجها حتى وهم يمارسون علاقتهم الحميمة ، حتى أنها تأكل بعده من بقايا أكله .. ولا يصح أن تأكل معه ولا حتى في نفس الوقت في مكان آخر !!!!
أتكفي هذه الأمثلة ؟؟؟

هدفي من هذا المقال ليس إيجاد حلول لهذه الأمثلة ، ولا لمثيلاتها من المشكلات الاجتماعية العويصة والتي تحتاج لمتخصصين يحتاجون بدورهم لوقت كبير يقارب العقود من الزمان وعبر أجيال متلاحقة لحل هذه المشكلات .. هدفي أصغر من هذا بكثير ..
هدفي ليس جماعياً .. بل أستهدف الفرد بحدّ ذاته .. وإذا بدأ التغيير من الفرد قد يصل لأفراد ، يوصلون الأمر بدورهم لمجتمع ..
وهدفي من مشكلات الفرد أصغرها .. لن أنظر للمشاكل العميقة ، بل لصغائر الأمور التي تقف عائقاً أمام الفرد عن التغيير وعن الخروج عن قيود عادات لا تمتّ للإسلام بصلة !!
إذا استطاع الفرد تحديد أسوأ عاداته وموروثاته غير المتصلة بالإسلام ، وحاول إقصائها وعدم العمل بها ، ثم حاول التأثير في محيطه الصغير فهذا يكفيني .. والرسول في بداية دعوته إنما أمر بدعوة عشيرته فقط (و أنذر عشيرتك الأقربين) ..
هدفي أنه إذا سألنا غريب عن بعض أفعالنا أو موروثاتنا ألا نجيب مثل القرود : إنا وجدنا آباءنا وأجدادنا كذلك يفعلون .. بل نجيب : إنا لسنا مقلدون .. إنا قوم مفكرون .. ولن نجيب مثل ما كانوا يجيبون ..

الأربعاء، 8 يوليو 2009

نظام سابا

من أكثر الحـُـجج سخافة ، حـُـجة "الطبع يغلب التطبع" .. فتجد كل من لديه سلبية أخلاقية أو نقص أخلاقي أو على الأقل خصلة تضايق المحيطين به ولو لم تكن سلبية ، يسارع بإلقاء العبارة على مسامعك ، وكأنها قرآن منزل يجب العمل بمقتضاها !
في الحقيقة لا تستفزني عبارة مثل هذه العبارة .. أو هي من أكثر العبارات التي أسمعها استفزازاً ..
فبعضهم يرفض النصيحة أو حتى الاستماع لها .. ويرفضها ولو حتى من باب النقاش وإيجاد الحلول !

فتجد في هذه القائمة كثيراً من المدخنين والمفحطين والمتعصبين (الرياضيين والعرقيين والقبليين والمذهبيين والذكوريين ... إلخ) وغيرهم ؛ ومعظم المنتمين لهذه الفئات يرفضون تغيير طباعهم وعاداتهم رافعين شعار هذه الحجة السخيفة !
فالمدخن يرفض قطع هذه العادة الخبيثة بحجة إدمانه وتغلغل النيكوتين في خلاياه وعظامه ونخاع عظامه !!
والمفحط يتحجج بعشقه للسيارات أو باتهامه بجهل مناقشه للذة ممارسة حركات الموت ولذة بث الأدرينالين في الأوردة والشرايين !!
والمتعصب لناديه يرفض أي نقاش أو إساءة لناديه (وقد يقبلها على نفسه) بحجة تعلقه بالكرة أو باتهامه بجهل عاشق النادي المنافس للتاريخ الكروي والرياضي وجهله بأبسط قواعد الكرة ! والتعصب العرقي والمذهبي والقبلي والذكوري لا يخفى عليكم ..

آخذكم الآن عبر الزمان لقرون مضت ولما قبل مبعث رسول الله - صلى الله عليه وسلم - بسنوات ..
ولن أتحدث عن كل من عاش في تلك القرون الأولى ، بل سأختصر حديثي عن فئة الكهول (وهي الفئة التي جاوزت سن الثالثة والثلاثين في أوسط الأقوال) ..
كان الناس مدمنو خمر ، مدمنو نساء ، متعصبون لعشائرهم ومن ثم قبائلهم ومن ثم عرقهم العربي ومن ثم ذكوريتهم المزعومة .. كانوا قاطعي رحم ، مرابين ، وائدي بنات ، هاضمي حقوق ... إلخ من الصفات والعادات السيئة المركبة والمعقدة والمتوارثة جيلاً بعد جيل و التي يعجز عن تقويمها أعظم الأطباء و أخصائيي ومستشاري علم السلوك الإنساني والاجتماعي والنفسي!

ثم بـُـعث رسول الله - صلى الله عليه وسلم - ناهياً عن الخمر ، ناهياً عن الزنا ، ناهياً عن وأد البنات ، ناهياً عن التعصب للقبيلة واللون والجنس .. فسمع الناس وأطاعوا .. لم يقل أحد "هذا طبعي والطبع يغلب التطبع" !! لم يقل أحد "بعد ما شاب ودوه الكتـّـاب" !! لم يتعلل أحدهم بعمره أو بمرضه أو بوضعه الاجتماعي أو المالي (و إن كان هذا هو سبب كفر أبو جهل على سبيل المثال مع إيمانه بصدق الدعوة في باطنه) !!

هل التوقف عن التدخين أصعب ، أم التوقف عن إدمان الخمر أصعب ؟؟؟
هل التوقف عن العادة السرية أصعب ، أم التوقف عن الزنا أصعب ؟؟؟
هل التوقف عن إذلال البنات وعضلهنّ أصعب ، أم التوقف عن وأد البنات أصعب ؟؟؟
هل التوقف عن التعصب للنادي والتعصب للرأي والتعصب للخلق السيء فينا أصعب ، أم التوقف عن التعصب للقبيلة وللوضع الاجتماعي والمادي واللون أصعب ؟؟؟
هل تغييرك لطبعك أصعب من تغيير سيد قرشيّ لطبعه ، فأصبح في غمضة عين يأكل مع عبده ويقف بجانبه في الصلاة ويعتذر له ويجاهد معه ، في الوقت الذي ما زلنا مع كل علمنا وثقافتنا ننظر لبعض الجنسيات بدونيّة ؟؟؟
إن هذا لشيء عجاب !!!

من الأشياء المثيرة للحزن أن تفرقك السنون عن بعض من تربطك بهم علاقة .. ولكن مايجعل الأمر أكثر حزناً أن تقابله بعد كل هذه السنون لتجده كما هو لم يتغير ولم يتزحزح قيد أنملة عن موضع أخلاقه وعاداته السيئة .. والمثير للدهشة أننا نستمتع بقول الآخرين لنا : "يااااااه يا فلان ، تصدق بعد السنين هذي كلها انت زي ما انت ما اتغيرت !!!" قد تثير عبارة كهذه فرحي إذا قصد المتحدث أن طباعي الحسنة لم تتغير ، ولكنها قد تكون أشبه بصاعقة لو كان يقصد الجانب السيء فيّ !
ومَن منا يسأل ماذا يقصد المتحدث !!!!

لن أدعوك للتغيير والتطوير ، فلعل ثقافتك في هذا المجال تفوقني .. ولكن يكفيني أن أنير لك زاوية مظلمة قد تكون مررت بها ولكنك لم تعرها انتباهاً كافياً .. أو لعل متراكمات الموروثات من الأقوال أثقلت كواهلنا عن النظر بتمعنّ أو التفكير لوقت كافٍ في صحة بعض هذه الموروثات أو جدوى توارثها أو العمل بها (ولنا حديث آخر إن شاءالله عن موروثات الأفعال) ..

بيدك التغيير وبيدك أن تعيش على نظام نيكول سابا ..
فقد أدت (ولم تغنِّ) أغنية بائسة ..
الأغنية تقول كلماتها : "أنا طبعي كدا .. وبحب كدا .. وبحب أعيش ومعنديش إلا كدا .. دي حياتي أنا .. دي ملكي أنا .. وأنا مهما يكون برضو حكون زي ما أنا" (يعني بالمختصر زي اللي تقول أنا مخي جزمة قديمة وماحتغير ولو مو عاجبك اشرب من البحر)
يتهيأ لي نظام سابا مرة كويس ويناسب ناس كثير ، خاصة اللذين يتسائلون "ولماذا التغيير ؟؟" .. بس فيه النظام اللي أكوس منه ويناسب الناس اللذين يتسائلون "كيف التغيير ؟؟" !!

السبت، 4 يوليو 2009

أعناق و أرزاق

<مالك فطور معنا .. يا نذل !!>
تصبـّـح "خالد" مدير شؤون الموظفين الشاب بهذه العبارة من زملاءه في الشركة ؛ فانعقد حاجباه في استغراب ، وعلى شفتيه ابتسامة مستفهمة لهذه الظهور الموجهة له بعد أن أدار الكل وجوههم له مكملين إفطارهم غير عابئين بوجوده !!
بدايةً ، شعر أن في الأمر مزحة ما .. ولكن عندما همّ بالاقتراب منهم ليفطر معهم كما يحدث كل يوم ، فاجأه أكبرهم سناً والذي يفوقه عمراً بعقدين أو ثلاث والذي يعمل تحت إمرته وفي إدارته ؛ بصيحة هادرة مكرراً :
<قلت لك مافي فطور .. اقلب وجهك !!>

اعتدل "خالد" في وقفته مسترجعاً بذاكرته الحديدية أي أحداث قد تكون صدرت منه و أدت إلى ردة الفعل الهجومية الجماعية هذه .. ولكنه لم يهتد لشيء ؛ أو أن ذاكرته صنفت جميع الأحداث والذكريات على أنها إيجابية !
ولم يلبث "خالد" أن تسائل باهتمام :
<خير ياجماعة !! خير يبو سعود ، وش صاير !!>
التفت أحد (شيّاب) الشركة وقدمائها إلى "خالد" ولقمة فول كبيرة تصنع كرة على جانب فمه قائلاً بحدّة :
<عن الهبل يا ورع ولا تسوقها>
استفزت الكلمة "خالد" فأجاب بسرعة :
<لا تسوقوها أنتم واتكلموا بصراحة .. وبدل أسلوب اللف والدوران قولوا وش مضايقكم ولو كنت غلطان ابشروا بالحق>
أجابه "أبو سعود" كبير مخضرمي شؤون الموظفين والذي يعمل تحت إدارة "خالد" الشاب :
<الحين انت يالبزر ياللي ماكملت 7 شهور في الشركة تفصل "أبو ماجد" اللي من قبل تولد وهو يشتغل في الشركة ؟>
تراخت أعصاب "خالد" المشدودة وبدت بسمة ثقة على شفتيه وهو يقول :
<الحين هذا اللي مزعلكم ؟؟؟ ياجماعة الخير مو أنا اللي فصلت "أبو ماجد" .. "أبو ماجد" هو اللي فصل نفسه بإهماله لعمله وتحايله على قوانين الشركة وقوانين مكتب العمل .. هذا غير تزويره للتقارير الطبية اللي يجيبها من عند معارفه بالمستشفيات .. وغياباته واستئذاناته المتكررة بدون مايعطي أحد خبر وكأن الشركة هذي مالها أحد يديرها .. وكفاية شغله المتأخر وإنتاجيته القليلة في العمل .. وبعد هذا كله تتهموني بإني فصلته !!!!! أنا مجرد منظم و منفذ للقوانين وحامي لأموال شركة صاحبها ائتمني على حلاله !!>

لم يعجب التحليل المنطقي "أبو سعود" فقال بإزدراء :
<ماسمعت بالمثل اللي يقول : قطع الأعناق ولا قطع الأرزاق ؟؟>
كرر "خالد" كلامه في صبر :
<يبو سعود أنا ماقطعت رزق أحد ولا عنق أحد .. لكن لما يكون الموظف متهاون في عمله ، ونحذره مرة واثنين وثلاث وهو معتمد على كبر سنه وقدمه في الشركة ومتوقع إنه فوق المساءلة ، بتكون هذه هي النتيجة ...... أنا ما أقدر أحابي أحد في الوظيفة حتى لو كان أخوي أو ولدي .. هذا مال ناس مو مال سايب أو مال سبيل .. وإذا كان "أبو ماجد" مو قادر يقوم بالوظيفة فغيره عشرات الآلاف في الشوارع يتمنوا نص راتبه وضعف شغله وراضيين .. وإذا حياء "أبو ماجد" ما منعه من هذي التصرفات ، فليش احنا نتغاضى بإسم الحياء أو بإسم الصحبة والصداقة والعشرة !!!! يعني يوم غلط "أبو ماجد" ماقلتوا شي ، ويوم إننا نتبع قوانين دولة وقوانين شركة نكون غلطانين ؟؟؟ هذا سبب تأخرنا عن التطور والتقدم ، وسبب إن ناس كثيرين قاعدين في مناصب وهم مايستاهلونها .. عالة على الدولة وعلى الشركة وعلى ناس هم أولى بهذي المناصب !>

غمغم أحد الجلوس قائلاً :
<مو قلت لكم ماعنده سالفة .. بيشوف نفسه أول مايترسم....>
رد "خالد" موضحاً :
<ياجماعة الخير المسألة ماهي مسألة شخصية .. المسألة مهنية بحتة ، مهما كانت العلاقة طيبة بيني وبينكم .. لازم نفصل بين العلاقات الشخصية والعمل وإلا الدنيا بتصير فوضى والإنتاجية راح تقلّ ؛ وإذا قلـّـت الإنتاجية موارد الشركة راح تقل .. وهذا طبعاً في ظل زيادة مصروفات الشركة لأنها بتدفع رواتب لناس ماتشتغل .. وأكيد الشركة بتفلس وكلنا بنصير في الشارع .. ايش رأيكم ؟؟؟ كلنا نصير في الشارع والا الغلطان بس يطلع الشارع ؟؟؟>

بعد لحظات من الصمت والتفكير والخوف من البوح بالإجابة التي يعرفها الجميع ، أجابه أحدهم :
<عن الفلسفة بس .. مالك فطور يعني مالك فطور .. ومثل ماقطعت رزقه بنقطع رزقك ومابتفطر معنا !!>
رد خالد بابتسامة هادئة :
<هذا وأنا قاط معكم بالشهرية في الفطور .. أجل لو ماقطيت معكم وش تسوون ؟؟>
أدار الكل ظهورهم مكملين وجبة الإفطار الممتدة لأكثر من 45 دقيقة حتى الآن .. و همّ "خالد" بالمغادرة عندما تذكر شيئاً فاستادر مرة أخرى قائلاً بنبرة فهمها الجميع :
<يكون بعلمكم .. مصير "أبو ماجد" حيكون مصير كل اللي يتهاون في عمله وكل اللي يزود مدة الفطور عن ربع ساعة .. وهذا كرم من الإدارة والا المفروض مافي وقت للفطور وتعطيل مصالح خلق الله>
و غصّ الفول في حلوق الجميع !!!!