الأحد، 30 أغسطس 2009

فوضى وفضاوة

في خبر أثار استغرابي في صحيفة محلية أن عدداً من سكان حي الشرائع بمنطقة مكة المكرمة ، يقيمون دعاوى قضائية فردية وجماعية بالتوكيل الشرعي ضد الفنان فايز المالكي !
وجاء في ثنايا الخبر أن سبب الدعوى هو أن "فايز" في مسلسله "بيني وبينك" ذكر منطقة الشرائع بأنها منطقة مخدرات ، مما ساهم في خفض أسعار العقار وعزوف الناس عن هذه المنطقة !!
بغضّ النظر عن صدق هذه الحيثيات من عدمها ، فلن أتحدث عنها . بل سأتحدث عن موضة الدعاوى القضائية الجماعية والتي تذكرني بالمجاهر بمعاصيه و ردة الفعل الشعبية بالدعاوى الجماعية ضده . وحديثي سيكون عن شرعية هذه الدعاوى وقانونيتها .

ففي نظام المرافعات الشرعية الصادر بالمرسوم الملكي ذي الرقم م/21 في 20/5/1421هـ ، في مادته الخامسة للاحتساب في إقامة الدعاوى ، أن الجهات القضائية ملزمة بقبول الدعوى من ثلاثة من المواطنين - على الأقل - في كل مافيه مصلحة عامة ، شريطة ألا يكون في البلد جهة رسمية مسؤولة عن تلك المصلحة . وفي تفسير اللائحة التنفيذية لذات النظام في تفسير "المصلحة العامة" بأنه ما يتعلق بمنفعة البلد ، كما أن المواطنون الثلاثة يجب أن يكونوا من الأعيان وليس من العامة !
والمادة الثامنة من نظام الإجراءات الجزائية الصادر بالمرسوم الملكي ذي الرقم م/39 في 28/7/1422هـ ، نجد النظام قد أعطى "هيئة التحقيق والادعاء العام" حق رفع الدعوى الجزائية بمواجهة المتهمين متى ما رأت الهيئة بأن في ذلك مصلحة عامة . كما أعطى للهيئة حق التحقيق في الجريمة وإعداد قرار الاتهام ولائحة الدعوى العامة ، وإحالتها إلى الجهة القضائية المختصة للفصل فيها وفقاً لقواعد الشرع وأحكام النظام . (نظام شحليله واضح وصريح)

الآن لنفرض أن المصلحة العامة ومنفعة البلد (كما ينص النظام) تقول بمقاضاة المجاهر بمعاصيه وفايز المالكي ، فإن هذا لا يعني قبول الدعوى أمام الجهة القضائية (سواء كانوا مواطنين أو أعيان) مادام أن هناك جهة رسمية (وهي هيئة التحقيق والادعاء العام) مختصة بإقامة هذه الدعوى ودراسة حيثياتها ، وتقدير مافيه المصلحة العامة من عدمه لإنتفاء الصفة القانونية لغير الجهة المعنية . كما أن قبول الجهات القضائية لهذه الدعاوى واتخاذ إجراءات قضائية ونظامية وشرعية بشأنها ، يعد خرقاً للنظام العدلي الذي نظم طريقة التعامل مع هذا النوع من الدعاوى .
وبناءً عليه لا يجوز إقامة الدعوى - ولو من هيئة التحقيق والادعاء العام - بناءً على تذمر المواطنين ، كما لا يجوز لذات الهيئة مباشرة القضية بناءً على توجيه إداري أقل من التوجيه السامي .

يعني بالبلدي الفصيح :
1- لا يحق للمواطنين ولا الأعيان رفع دعوى قضائية ضد أحد في ما يخص المصلحة العامة .
2- هيئة التحقيق والادعاء العام هي الجهة الوحيدة المخولة بذلك ، بناءً على توجيه سام ٍ .
3- لا يحق للجهات القضائية قبول مثل هذه الدعاوى ما لم تصدر من الجهة المعنية .

الآن وبعد هذا الاستعراض القانوني السريع ، أين دور هيئة التحقيق والادعاء العام في رفع دعوى ضد المذكورين إذا كانت مصلحة البلد العامة تقتضي ذلك ؟ وإذا لم تكن مصلحة البلد تقتضي ذلك فبأي صفة قبلت دعاوى المواطنين مع أن صفتهم القانونية لا تتطابق و شروط إقامة الدعوى ؟
وعلى الجانب الآخر ، أين دور المواطنين من رفع دعاوى أمام محكمة العدل الدولية عن ما يحدث في فلسطين والعراق ونيجيريا والسودان ، وخاصة الدنمارك ؟ هل هي فضاوة المواطنين ، أم هي بسبب غموض النظام ، أم هي عاطفة المواطنين المشوبة بجهلهم بحقوقهم وواجباتهم ومايجيزه لهم النظام وما ليس له صفة قانونية للأفراد ، أم أن غضب المواطنين المكبوت صار يترجم بأي صورة ولو كانت صورة غير صحيحة (يطلعون حرتهم بأي شي بدون تفكير وبعاطفة غير موجهة !!) ؟؟؟
هل يجب عليّ أن أنتظر أحدهم ليخرج في مسلسل تلفزيوني هزيل أو برنامج لبناني حقير ليقول ما يقول لتثور ثائرتي وأرفع دعوى ؟ ألا أستطيع والحال هكذا أن أرفع دعوى ضد أي مارق مأفون يجاهر بمعاصيه أو يتكلم بسوء على الحي الذي ترعرعت فيه ؟ ألا أستطيع أن أقيم دعوى ضد كل مستغل لمنصبه وكل مختلس وكل مقترض من البنوك بالربا وكل من شترى ألبوم شيرين الجديد وكل من يقطع إشارة حمراء وهو يصرح بذلك غير خائف من العقوبة ؟؟؟؟ أليسوا كلهم مجاهرين ؟؟؟؟ بتصير الشغلة لعبة .. وكل واحد بيرفع دعوى ع الثاني .. واستقبلي يامحاكم !!! قمة السخافة والفوضى والفضاوة !
يارب ما يسجنون ناصر القصبي بتهمة تقليد أهل مكة والأحساء والرياض والحضارم والمصريين وتشويه سمعتهم ، حيسجنوه مدى الحياة !
___________
المادة القانونية : مقتبسة بتصرف من مقال للأستاذ يحيى الشهراني (محامي سعودي)

السبت، 29 أغسطس 2009

الخلاف بسبب الاختلاف

من أهم الثقافات التي فرطنا و أفرطنا في تعاطيها ، هما ثقافتي الاختلاف والتصنيف .. ففرطنا في ثقافة الاختلاف ، وأفرطنا في ثقافة التصنيف ..
وللتوضيح أكثر ، فإننا نفرط في تصنيفنا للآخرين على جميع الأصعدة وخاصة على الصعيد الفكري والمذهبي .. والعرقي وغيره لهم نصيب ..
وهذا الداء المنتشر فينا يطال كل المجددين في أمور دنيانا وديننا .. فتجدنا لا نسمع ولا نعي ما يقولون ، ولا نهتم بما لديهم من علم وسعة أفق ، بقدر ما نهتم بتصنيفهم : هذا علماني ، هذا ليبرالي ، هذا سلفي ، هذا مستشرق ... إلخ من التصنيفات العجيبة التي لا تقدم ولا تؤخر . وهذا الاتجاه أدى بنا إلى تعطيل عجلة الحياة كثيراً وتعطيل تطويرنا لذواتنا ولطريقة معيشتنا لأن بعضنا لا يتبع بعضاً مادام قائد الفكرة أو قائد الاتجاه ليس على مذهبه أو فكره ، حتى ولو كانت الفكرة أو الاتجاه لا تخالف شرعاً ولا ملة !!!

وعلى سبيل المثال لا الحصر ، تصنيف الأستاذ أحمد الشقيري - بكل ما يقدمه - على أنه علماني !!! فتجد معارضيه لا ينظرون لما أجاد فيه وأثبته من صحيح الكتاب والسنة وأقره عليه علماء أجلاء ، بل ينظرون لسقطاته وهفواته ، ويصرون أنه مادام قد أخطأ في قول أو فكرة فإنه يجب رفضه كلياً ، و رفض كل ما يقوله !! وهذا تعطيل لكثير من الأمور الجديدة والأفكار اللامعة التي لا تخالف شرعنا ولا عاداتنا !! ومثله الأستاذ عمرو خالد ، وغيرهما ..

وعلى الجانب الآخر ، تجدنا فرطنا في ثقافة الاختلاف فلم نعمل بها ، بل ولا نعرفها أصلاً ! فلا نستطيع أن نتقبل اختلافاتنا الفردية والجماعية والمذهبية والفكرية ، ولا نفهم أن لكل شخص ميوله واعتقاده وفكره المختلف عن الآخرين . بل إن الأخوين في بيت واحد بتربية واحدة لهما تفكيران مختلفان يعتنقانهما . نسينا أن الاختلاف رحمة ، وأن الصحابة والتابعين وأئمة المذاهب الأربعة اختلفوا مذهباً وفكراً ، ولكن لم يعب بعضهم على بعض ، ولم يتنقص بعضهم من قدر بعض ، وكانوا يأخذون العلم عن بعض ، فاختلفوا مذهباً ولم يختلفوا اتجاهاً .

بدلاً من إضاعة وقتنا في تصنيف بعضنا ، والبحث عن هفوات إخواننا وأصدقائنا وأزواجنا ، فلنفهم أولاً أن كلاً منا يختلف عن الآخر في تربيته وتفكيره وأسلوبه ، ولو كنا في نفس الدولة وعلى نفس المذهب ونفس العادات والتقاليد .
ولنفهم بعدها كيف نتقبل الآخر باختلافاته ، وأنه وإن اختلفنا مع شخص ما ، فهذا لا يعني بالضرورة أن أحدنا على خطأ والآخر على صواب ، بل قد يصح أن كلينا على صواب أو كلينا على خطأ . ولنتعلم بعدها كيف نمسك العصا من منتصفها ، وكيف نقبل بأنصاف الحلول مادام الحل لا يقض عرى الدين أولاً ولا العرف ثانياً .
لن يتبقى وقتها سوى أن نأخذ ونعمل بكل ما يقوله الآخر مادام مؤصلاً شرعاً بالقرآن وصحيح الأحاديث ، ولننبذ كل ما لا يوافق كتاباً ولا سنة ، دون أن يفرقنا الخلاف على الاختلاف أو يشحننا بالسوالب . أو مادام الأمر لا يخالف العرف ولا يقلل من كرامة الشخص (في الأمور غير الدينية) .

ولا أنسى أن أنوه بأن الناس في اختلاف نقاشاتهم قد تجدهم متسلحين بأدلة صحيحة وثابتة ومنطق مقنع ، ومع ذلك قد يكون رأيهم خطأ ، أو استدلالهم ليس في محله ، أو تكون الآية منسوخة حكماً ! خاصة لمن يستدل بآية أو شطر آية ولايكمل باقي الآية أو لا يلقي بالاً لسياق الآية وماقبلها ومابعدها من الآيات ، وكذلك من يستشهد بشطر حديث ولا يكمل باقي الحديث الذي قد يهد رأيه من أساسه .

سؤال : إذا كان الله قد قبل لنا الاختلاف في أعظم أمور الحياة وعمودها وهو الدين ، أفلا نقبل على أنفسنا اختلافنا عن الآخرين واختلاف الآخرين عنا في أمور الحياة ونظرتنا المختلفة لها ؟!

الخميس، 20 أغسطس 2009

كتف لوحة

يأبى النوم أن يزورني الليلة .. وموج رقيق من أفكار متفرقة يعتريني الآن .. موج به مسحة من حزن ومسحة من صمت ومسحات من نظرات تأمل ..

أعيد الآن ترتيب بعض أوراق قرارت سابقة اتخذتها في حياتي .. وللمرة الأولى أنتبه أن بعض هذه القرارات تم اتخاذها على عجالة من أمرها ، وأمري .. فظلمت نفسي وظلمتها ، وظلمت كل من يرتبط بهذا القرار بسرعة اتخاذه ..
وبعض القرارات بعد التفكير فيها الآن ، أجدني قد أنصفت ، ورافقتني غمامة من حكمة أثناء اتخاذها .. وللمرة الأولى - ربما - أتحقق من صحة مقولة قالها لي أحد المازحين مرة ، ووجدتها الآن حقيقة .. ألا و هي : من الحكمة أن تبتعد أحياناً لترى بشكل أوضح !

الآن .. وبعد أن ابتعدت عنهم وعن أشيائهم ، وابتعدوا عني وعن مساءاتي .. أجدني أرى بوضوح أكبر ، تفاصيل لم أرها في حينها .. والآن عرفت لماذا يبتعد الرسام عن لوحته لينظر إليها من بعيد ! فهو يريد أن يرى التفاصيل .. كل التفاصيل .. وكلما اقترب من لوحته ، كلما قلـّـت التفاصيل التي يراها ، وكلما غابت عن ناظريه تفاصيل أكثر وأعمق ، وربما أهم ! ولهذا يبتعد .. ولكن ، هل لهذا ابتعدوا ؟؟؟؟

هكذا علاقاتنا الإنسانية .. نقترب من بعضنا حدّ الالتصاق .. نبحث في أعماق بعضنا عن تفاصيل تشبهنا .. عن رائحة مريحة ، كرائحة قهوة .. عن دفء أحضان تحتوينا .. ونبالغ في بحثنا عن أدق تفاصيل اللوحة ، ونبالغ في بحثنا عن أفضلها وأقلها شوائب ! حتى إذا وجدناها اقتربنا منها أكثر ، فلا نعود نرى سواها .. فنذوب فيها عشقاً وهياماً .. ونغفل التفاصيل الأخرى العارية .. الواضحة العري .. عديمة اللون .. عديمة الرائحة .. عديمة الدفء ! ونطمع أن يكون تفصيل واحد طاغياً على كل التفاصيل ..

وفي لحظة من لحظات صدمة عاطفية .. نبتعد لالتقاط أنفاس مقطوعة من لهاث ركض وراء ظل لا صاحب له ! وحين نبتعد وننظر للوحة ، تفاجئنا تفاصيل باهتة .. ويفاجئنا ألا شيء جذاب في اللوحة سوى تلك البقعة الساحرة التي جذبتنا .. ولا يفاجئنا غبائنا باستغباء أنفسنا وتحاشي النظر للوحة كاملة منذ البداية !!

ومايفطر القلب ألا وقت للنظر في لوحة جديدة ، أو التعمق في تفاصيل جديدة .. فلا قوة على الوقوف .. ولا قوة على النظر .. ولا قوة على الشم .. ولا قوة على الثقة .. ولا قوة على الاحتضان .. ولا قوة على الخوف .. ولا قوة على التفكير .. وتصبح جميع أجزاء الجسد خاوية ميتة .. فلا تغرينا أجساد ولا أرواح .. ولا نعود نبحث بعدها عن عطر يأسر الإحساس .. أو صدر يخبيء الدموع .. أو شفتين ترويان عطش الطريق .. وتجف آبار عطائنا بعد أن يمتصوا رحيق حناننا .. ولا يعود لنا من همّ سوى البحث عن جزء واحد في الجسد ........ كتف .. كتف فقط نستند عليه لنقف من جديد .. ووقتها لا يغدو لأي شيء قيمة .. لا لفتات قلوبنا .. ولا لشتات أرواحنا .. ولا حتى للوحة علاقاتنا الباهتة ..

إلى أناس مروا من هنا ، ولم يتركوا سوى غبار ذكرى أصاب إحساسي بزكام حاد : "ليه كذا ليه وش سويت لك ؟؟ اللي حبيته لعمري .. ياعمري .. حبيته لك !"

الثلاثاء، 4 أغسطس 2009

لو سمحت ياويليم .. لو سمحت يافريدريك

خبر ورد في معظم الصحف المحلية الأسبوع المنصرم :
وجـّـه طفل سويدي في الخامسة من عمره رسالة إلى رئيس وزراء بلاده "فريدريك رينفيلد" ، يطالبه فيها بحظر بيع الحلوى (البونبون) من أجل مساعدته على وقف تبذير مصروفه ، على ما نشرت الصحف السويدية بتاريخ 25/7/2009 م !
وكتب الطفل في رسالته التي نشرتها صحيفتا "داغنز نيهيتر" و "افتونبلادت" : "صباح الخير فريدريك ! (فريدريك كذا حاف!!) اسمي ويليم وعمري خمس سنوات . هل في وسعك أن تقرر منع المتاجر من بيع الحلوى ؟ سيتيح لي ذلك ادخار مالي لشراء سوار ومكعبات سحرية" . وتلقى الطفل رداً من رئيس الوزراء الليبرالي قال فيه : "يعتقد الكثير من الناس أنه من الرائع تناول بضع قطع من الحلوى من وقت إلى آخر . وإذا لم يكن المرء راغباً بتناول الحلوى فبوسعه أن يختار عدم شرائها !!" كما شجع رئيس الوزراء الطفل على عزيمته بادخار المال وقوّى من عزيمته ..... !!

خبر كهذا جعل ملايين الأسئلة والمقارنات تتشاجر في رأسي لتكتب أولاً في هذه المقالة ! أصدعكم بقليل منها ..
1- مالفرق بين عقلية طفل سويدي في الخامسة ، وعقلية شاب سعودي في الخامسة والعشرين ؟؟
2- كيف عرف الطفل لمن يوجه خطابه ومن هو المسؤول عن مصيبة عدم ادخاره لماله ، في الوقت الذي لا يعلم السعودي لمن يشكو بعد الله ضعف حاله وهوانه على الناس ؟؟
3- أوجد الفروق العشرطعش بين خطاب الطفل السويدي المختصر والواضح ، وبين مقال في مادة التعبير لطالب سعودي في المرحلة المتوسطة ، أو بينه وبين بحث أكاديمي لطالب سعودي في المرحلة الجامعية ؟؟
4- مالذي جعل الطفل يصل لنتيجة منطقية أن الحلوى هي سبب ضياع ماله وتصرف بناءً على ذلك ، بينما السعوديون لا يزالون يدندنون على وتر الأسهم الضائعة دون أن يجدوا لأنفسهم حلولاً عملية تخرجهم من مآزقهم المالية ودون أن يقرروا ولو للحظة واحدة ؛ التخلي عن عاداتهم الاستهلاكية السلبية ؟؟
5- مالتعليم والتثقيف الاستخباراتي السري الذي تلقاه الطفل منذ نعومة أظفاره ، والذي جعله يثق برد من يوجه له خطابه ، والذي يستطيع أن يساعده على بلواه ، بينما السعوديون لا يزالون يدورون من دائرة إلى أخرى تحت شعار تصريفي بحت "معاملتك مو من اختصاصنا" ؟؟
6- مالذي جعل الطفل يخاطب رئيس حكومة بلاده باسمه الأول مجرداً دون ألقاب ، في الوقت الذي تـُـرَد ألوف المعاملات السعودية لخلو ديباجة "خطاب الاسترحام" من صفات التقدير والتفخيم والسمو والمعالي والاحترام ؟؟
7- لماذا لم يتوجه الطفل لأحد كتـّـاب المعاريض لكتابة رسالته ؟؟ أو بمعنى آخر : ألا يستطيع السعودي كتابة خطاب لوزير أو مدير أو حتى غفير دون أن يدفع لأحد كتاب المعاريض ليكتب له ؟؟ ياشماتة أبلة ظاظا فيا !!!!
8- هل رئيس حكومة السويد ماعنده لا شغلة ولا مشغلة عشان يترك كل شغله ويرد على رسالة طفل ، أو وزرائنا وقياديينا هم اللي مقطعين الشغل مرة ؟؟ (على قول عادل إمام : ساب الجيوش والمماليك والإنجليز ، وفضل يوقع على أطباق !)
كيف يتنصل رئيس وزراء السويد من جميع مسؤولياته ومهامه الحكومية ليرد على طفل صغير ؟؟؟ ليش ما يحلل راتبه ويشوف قضايا أهم ؟؟؟؟ سخافة بصراحة
9- مالذي جعل رئيس وزراء السويد ينظر للنصف الممتلئ من الكأس ، فنظر للخطاب بعين الاهتمام ولو كان من طفل صغير ، في الوقت الذي ينظر معظم قياديينا للمعاملة على أنها منكر ومتهم وشيء ناقص حتى يثبت العكس ! فينظرون المعاملة بعين التشكيك والتنقص والبحث عن الأخطاء الإملائية .. وياما معاملات أتأخرت عشان همزة وتاء مربوطة وخاء منفوشة و ذال مذلولة !!
10- هل لو خرج علينا الطفل وليم في مقابلة تلفازية ومعه طفل سعودي في نفس الموقف ، هل ستكون مقابلتهما التلفزيونية واحدة ؟؟ أكاد أجزم بأنه في الوقت الذي سيتحدث وليم عن الركود الاقتصادي وسبب كثرة الطلاق والانتحار في بلاده ، سيكون طفلنا السعودي النجيب يحك مؤخرته بيد ، ويحك أنفه بالأخرى ، وسعبولة أليمة تشق طريقها نحو ذقنه من طرف فمه !!
11- لماذا اتخذ رئيس وزرائهم هذا الدور التربوي ، فشجع الطفل على الادخار ونمّى فيه هذه الصفة الحميدة ولم "يسلخ" الطفل برسالة توبيخ له أو لوالديه ؟؟
12- لماذا كان خطاب الطفل ويليم مختصراً وواضحاً ويصيب قلب القضية مباشرة ، بينما معاريضنا تصل لمجلدات ثلاثة أرباعها "طال عمرك" و "كما تعلمون حفظكم الله" و "نرجو من الله ثم من كرمكم" و "أنت بابا وأنت ماما وأنت أنور وجدي" !!
13- مالذي جعل شخصية طفل في الخامسة بهذه القوة وبهذا الوضوح ، ومالذي جعل بعض أطفالنا وقد وصل على أعتاب المرحلة المتوسطة مازال ينام في أحضان أمه ويبكي لو ابتعدت عنه ؟؟
14- هل هناك أمل أن تصل عقلية وتمييز أطفالنا لنصف مستوى أطفالهم (مثلما آمل أن يصل مستوى منتخبنا الأول لربع مستوى رديف برشلونة) ؟؟
15- هل هناك أمل أن يرد أحد وزرائنا أو قياديينا على رسالة من مواطن مطحون معدوم مهروس مدعوس ، دون أن يكتب معروضاً أو يحب خشوماً أو يلحس رخاماً أو يتصل بفلان أو تكفى يا علان ؟؟
16- هل أن أحوَل ومتشائم أم أن هذه الأسئلة صحيحة وشرعية وغير مقلوبة وفي مواضعها المناسبة ؟؟
17- هل السر في خطاب ويليم ، أم في حنكة رئيس الوزراء ، أم في التربية ، أم في النظام الذي يحترم الكل ، أم في مخي المضروب ؟؟
18- سؤال أوجهه للطفل ويليم : ممكن تعلمني أكتب خطابات لو سمحت ؟؟؟
19- سؤال أوجهه لرئيس حكومة السويد : ممكن تعلمهم يردوا علينا لو سمحت ؟؟؟