الثلاثاء، 9 فبراير 2010

الذاكرة : التنويم الرقمي المغناطيسي (5)

استخدم السحرة قديماً التنويم المغناطيسي لإيهام الناس برؤية ما لايرونه ، وسبر أغوار عقولهم وأسرارهم . ومع اهتمام العلم والعلماء بالتنويم المغناطيسي أخذوا في تحليله ودراسته ووضع قواعده وأسسه للإفادة منه إلى أقصى حد .
وقد وصل النازيون إلى مراحل متقدمة جداً في هذا المجال إبان الحرب العالمية الثانية ، حيث الهدف هو رفع كفاءة المقاتلين ، وتلقينهم لغات أخرى ، ودفعهم للقيام بعمليات انتحارية لا يدركون مدى تهورهم فيها !
وقد نجحت فكرة تعلم لغة جديدة تحت تأثير التنويم المغناطيسي نجاحاً باهراً . حيث استوعب المنوَّم في ساعات تحت التنويم مايحتاج إلى أسابيع من الدراسة الجادة المتواصلة في حالة الوعي الكامل !! كما نجحت فكرة رفع كفاءة المقاتلين .... لكن لم تنجح فكرة دفع الجنود للقيام بعمليات انتحارية !!! فلسبب غامض ، كان التنويم عاجزاً عن دفع المنوَّم للقيام تحت تأثير التنويم بما يخالف معتقداته ومبادئه في اليقظة !
وبعد نهاية الحرب العالمية الثانية ، اكتشف الحلفاء طريقة النازيين في تلقين وتدريب جنودهم بالتنويم المغناطيسي ، وكيف استخدموها أيضاً في دفع الأسرى للاعتراف تحت تأثير التنويم .

من هنا بدأ المجال يتسع ليشمل جميع المجالات . فكان أول من استخدمه الأطباء النفسيون ، لعلاج مرضاهم عن طريق العودة لماضيهم ، وكشف سبب عقدتهم ، ومن ثم العمل على إزالة هذه العقدة . وكان الأسلوب المستخدم في هذه الفترة هو نفس الأسلوب الذي نراه في الأفلام السينمائية ، وهو تحريك ساعة أو بندول أما الشخص المستهدف بإيقاع منتظم ، والتحدث بنبرة صوت معينة في ظروف معينة .... وهذا كله جعل الأمر ناجحاً عند بعضهم وغير نافع عند الآخرين ، حيث يحتاج هذا النوع من التنويم إلى مواصفات محددة في المنوِّم للسيطرة على المنوَّم ، فكان لابد من وجود وسيلة موحدة لجميع المنوِّمين لتحقيق التنويم المغناطيسي الكامل على أي شخص يتم اختباره .

مع دخولنا عصر الحواسيب ، لم يكن من الممكن ألا نستفيد من وجوده في شتى المجالات ، وخاصة في مجال ثري ومثير كالتنويم المغناطيسي . لذا قام مجوعة من المبرمجين بتنفيذ وتطوير مجموعة برمجيات تتيح للمنوِّم - مهما كانت خصائصه الشخصية - أن يحقق التنويم الكامل للشخص الهدف ، مما جعل العلم يقفز قفزات واسعة في هذا المجال . وكل يوم تتطور البرمجيات وتظهر غيرها ، وتظهر نتائج مثيرة ومبهرة أمام العلماء تجعلهم يؤمنون بأن العقل البشري يوقظ كل خلاياه النائمة ، ويدفع بكل خلاياه الرمادية للعمل في آن واحد . تماماً كأنك دخلت لإحدى غرف منزلك التي تحوي مئة لمبة في سقفها ، وبدلاً من أن تضيء لمبة واحدة فإنك تضيء الأنوار كاملة ، مما يجعل الاستفادة بكل ذرة في عقلك تصل ذروتها .

شهود الجرائم تمكنوا من الوصول لمرحلة تذكر وصفاء عقلي هائلة بعد إخضاعهم لجلسات تنويم مغناطيسي برمجية ، فقد تذكروا تفاصيل دقيقة جداً ، كلوحة سيارة ، أو خدشاَ بسيطاً في يد القاتل ، أو كلمة قيلت ولو بلغة أخرى لا يعرفها الشاهد . والأهم أننا نستطيع من خلال هذه العمليات استعادة الذاكرة الموروثة للآباء والأجداد وإن بعدوا . وهذا لا يحدث في كل الأحوال ، ولكنه حقق نتائج إيجابية في سبع عشرة في المائة من الحالات الخاضعة للتجربة . وهذه نسبة كبيرة ، خاصة وأن العلماء مقتنعون بأن برمجيات التنويم المغناطيسي لم تتطور بالقدر الكافي بعد .

العقول بعد ربع قرن من الآن ستختلف تماماً عن عقول الحاضر ، ووسائل زرع المعلومات تحت تأثير التنويم المغناطيسي ستتطور كثيراً ، حتى أنا شاباً في العشرين سيكون لديه خمسة أضعاف علوم ومعارف آلبرت آينشتاين ، وصبيٌ في الخامسة من عمره سيجيد ما لا يجيده جده العجوز ، وسيصبح العالم عالم العقول فقط . وقد بدأت بعض الدراسات والأبحاث حول إمكانية استبدال التعليم الحالي بجرعات تعليمية أو كبسولات تعليمية تـُـلقـَـن تحت تأثير التنويم المغناطيسي ، ليستيقظ بعدها الشخص وقد تعلم في ساعات ما لن يستطيع تعلمه في شهور من الدراسة المكثفة . وبالتالي يمكن الاستفادة القصوى من طاقات الشباب وتلقينهم بالضبط العلم الذي سيستخدمونه في حيواتهم العملية .

ولكن كثيراً من العوائق تقف أمام قرار صعب وشائك مثل هذا القرار . من هذه العوائق سؤال هام ، ماذا لو استحوذت دولة بذاتها أو حلف من الدول على هذا العلم بحيث تعطيه لمن تشاء وتحرم آخرين منه ؟ أو بمعنى آخر تعطي الصلاحية لنفسها في تعلم ماتشاء من العلوم المتقدمة ، في الوقت الذي لا تسمح لدول أخرى سوى بتعلم الزراعة البسيطة أو بتعلم النجارة مثلاً ؟ تماماً كما تسمح حالياً بعض الدول المتغطرسة لنفسها بالتسلح النووي ، وتحظر الآخرين عن ذلك !! قد يتم بقرار مثل هذا استعباد عقلي عالمي دون إراقة قطرة واحدة من الدماء . وفي الوقت الذي سيتمتع صفوة من الناس بخيرات العالم ، ستجد آخرين تم تلقينهم على البلاهة و الطاعة العمياء يعملون من أجل الصفوة ومن أجل زيادة ثرواتهم !!!

العقل البشري لا حدود له ولطاقاته ، وأول قاتل لهذا العقل هو أن تحرم نفسك من الإيمان بقدراته ، أو أن تحصر إيمانك بقدراته في حدود ثقافتك وعلمك . وإذا كان الجسد لا حدود لقدراته - والدليل أن الأرقام القياسية في الألعاب الأولمبية يتم كسرها في كل دورة - فإن العقل أولى أن يكون جباراً أمام حدود الجسد . وحصر الإيمان بالأشياء في حدود العلم القاصر والثقافة المحدودة هو الذي أخرج كثيراً من أرباب الديانات الفاسدة من عبادة رب العباد إلى عبادة العباد . ولولا عظيم صنع الله في خلق العقل ، لما استطاع أن يهزم أعظم حواسيب العصر ، والذي يقوم بملايين العمليات والاحتمالات الحسابية في الثانية ، في لعبة الشطرنج . وهذ مثال صغير فقط عما يستطيع العقل البشري فعله .
الموضوع يحتاج إلى إيمان .... إيمان قوي بقدرات هذا العقل ، وبعدها سيكون التطوير والتسليح العقلي من أسهل مايكون .
فسبحان الله العظيم ..
ربنا ما خلقت هذا باطلاً سبحانك فقنا عذاب النار ..

تمت بحمد الله