الاثنين، 29 يونيو 2009

حلم و انقضى ..

هاتفته فجراً ليلقي بغياهب النوم جانباً ، غير مصدق بأنها تهاتفه في مثل هذا الوقت ... وبعد كل هذا الوقت !
شهور مضت منذ آخر مرة تعاركا فيها .. ولم يتصور يوماً ولو في أحلى أحلامه أن تتصل به من جديد !
ولكنها الآن تتصل .. اسمها الذي لم يظهر على شاشة جواله منذ زمن ، يظهر الآن منيراً الشاشة ومنيراً قلبه المظلم ومنيراً أملاً جديداً له في الحياة ..

خاطبته وكأنهم لم يتعاركوا يوماً ، بحماسة ومودة وسؤال عن الحال والأحوال ..
لكنه لم يرتح لنبرة التوتر في صوتها .. لم يرتح لشيء يصارع أعماقها للخروج والبوح ..
ولكنه بأسلوبه المشابه لأسلوب أعظم المنوّمين المغناطيسيين استطاع استدراجها لهاوية البوح و الاعتراف .. والفضفضة ..

انطلقت محبوبته القديمة - والحالية - تصف لوعة قلبها وحريق أوشاجها وجزع نفسها وبكاء عينها ببعاد حبيبها ..
ولكنه ولشدة دهشته لم يكن هذا الحبيب الموصوف !! بل كان شخصاً آخر أحبته في غضون شهور فراقهما ..
ولشدة ثقتها بحبيبها القديم وبحصافة رأيه ورجاحة عقله ، هاتفته في هذا الوقت المتأخر - أو المبكر - المقارب لساعات الفجر الأولى لتستشيره ولتلقي بلوعات قلبها في جوف حبيبها القديم !!!
ولشدة دهشته هو شخصياً ، انطوى حبيبها القديم يسألها كمخضرمي العلاج النفسي عن ملابسات القضية ؛ وعن أدلتها و قرائنها الداعمة لقولها .. وانبرت هي كسيلٍ جارف تروي كل شيء معتبرة أن إحساس الحبيبة وحده يكفي كدليل !

لم يدر لماذا يساعدها !!
لماذا يستمع إليها .. بل لماذا ينصت لها !!
لماذا يعتصر خلاياه الرمادية مستنجداً بجميع خبراته الحياتية ليجد لها حلاً سريعاً وقاطعاً ينقذها من حرائقها !!
والأعجب أنه لم يجد تفسيراً لراحته النفسية بعد أن توقفت محبوبته عن البكاء بسعادتها بوصوله لحل يعيدها وحبيبها الجديد كعصفوري جنة !
و زادت راحته بضحكتها الرقيقة التي لم يسمعها منذ زمن !

وحين انتهت المكالمة كان كمن اسيقظ من حلم عميق !
وتوالت الأسئلة دون أجوبة تحاصر خلاياه الرمادية من جديد ..
هل هذا هو الاتصال الذي ينتظره منذ زمن ؟؟؟
هل يحق لمن كانت معه في علاقة سابقة أن تهاتفه لتستشيره في علاقة حالية ؟؟
هل كان صادقاً في مشورته لها ، أم أشار عليها بما يهدم علاقتها الجديدة ؟؟
لماذا هذه الراحة في أعماقه ؟؟
هل يحبها لدرجة أنه يسعد لسعادتها ولو لم تكن معه ؟؟ أم أنه لم يحبها يوماً ؟؟
أم أنه سعيد لأنه لن ينتظر الليالي بعد اليوم منتظراً مكالمة شوق منها ، وسينام مطمئن البال بأنه لم يعد مرغوباً فيه ، وأنه حلم وانقضى ؟؟
أم سعيد فقط لأنه سمع صوتها وضحكتها الرقيقة ؟؟
أم سعيد لأنه يستطيع المضي قدماً في علاقة جديدة دون تأنيب ضمير ؟؟
أم لأنه تأكد الآن من نظريته القديمة بأنها بمجرد انتهاء علاقتهما ستنساه وتبحث عن غيره ! وتذكر وقتها كم كان يحبها ، ولكنه لم يشعر يوماً بالأمان معها ..

وفي لحظة واحدة تحولت مشاعره الإيجابية لأخرى سلبية ؛ وهو يلعن في أعماقه هذه القلوب التي تنسى بسرعة كما تحب بسرعة ..
قلوب أقرب إلى الفنادق منها إلى القلوب ! قلوب لا يلبث ساكنها بالاستقرار فيها حتى يتم طرده بلا هوادة ولأول حدث بسيط !
قلوب بلا قلوب .. وحب أقرب إلى الماء منه إلى الحب ..
أو حب أقرب للهواء .. نعم للهواء .. وتناغمت فكرته مع صوت "حليم" الرخيم المتعالي من رادي الجيران :
"زي الهوا ياحبيبي ، زي الهوا .... و آه م الهوا ياحبيبي ، آه م الهوا"

أي حب هذا الذي لا يغفر الزلات !! وأي قلب هذا الذي يستبدل الأخلاء بهذه السهولة !!
كادت خلاياه تذوب من فرط التفكير .. وهداه تفكيره الحصيف لطوي صفحة قديمة .. وإنهاء حلم قديم ..
فالحزن في القلب .. وعجلة الحياة مستمرة .. ولن يوقف حياته بإسم الحزن بكاءً على شيء مضى وانتهى .. وبكاءً على من لا يبكي عليه ..
فطوى الصفحة .. و أنهى الحلم ..
وكان حلماً و انقضى ..

الأحد، 28 يونيو 2009

للسعوديين فقط !

هي حملة من الحملات الكثيرة المنتشرة في النت ، والتي وصلتني عبر الإيميل ..
يحوي الإيميل قصصاً متنوعة عن ظلم الشركات للعمالة السعودية ومحاباتها للأجانب ، وبعضها قصص غير منطقية على الإطلاق ، مما يوحي بسوء التأليف أو بسوء تناقل الرواية الأساسية ووضع البهارات عليها !!
بعد سرد هذه القصص ، يخبرنا "الحكواتي" عن أهداف هذه الحملة ويبدأ حكايته بعبارة : "هذه الحملة ليست عنصرية" !
ويطالب بعدة طلبات من بينها تطبيق قانون العمل بإحلال السعوديين مكان غير السعوديين إلا في التخصصات النادرة كما ينص قانون مكتب العمل (مع ذكره رقم المادة في قانون مكتب العمل ، والتي لم أجدها بالمناسبة بعد البحث !!) ، وهنا أرد فأقول : ياعزيزي منفذ الحملة أنت وقومك المتبعون لك ، معظم الوظائف الآن تطلب لغة أجنبية وبعض مهارات الكمبيوتر على الأقل ، وفي الوقت الذي لا يحسن الكثيرون هاتين المهارتين الضروريتين ، تصبح معظم التخصصات "نادرة" بما فيها سائقي الرافعة الشوكية !! فلا يكفي أنك سعودي لتشغل الوظيفة .. وإذا كنت صادقاً في هدفك بإحلال كل الوظائف بالسعوديين سوى النادرة منها ، فلتبدأ بنفسك ومن معك بكنس الشوارع والعمل كـ "خضرجي" أو "فكهجي" أو نجار أو حلاق أو سباك أو غيرها من الوظائف الحرفية ..


ليس من المنطق أن يتم إحلال الموظفين الأجانب بسعوديين بدءاً من الأعلى .. أعني من الوظائف القيادية .. بل المنطق أن تبدأ الصعود درجة درجة ، وأكل العنب حبة حبة ..
وسؤالي هنا : هل يستطيع السعودي تنظيف الشوارع وغسيل السيارات ودهن البيوت وتصليح كراسي الحمامات المسدودة بمخرجات بطن سعودي آخر (أو أجنبي آخر مكثر التوابل والشطة) والصعود خمسين طابقاً في ناطحة سحاب لتلييس الجدران !!!
عندما تخبرني بأن السعودية للسعوديين فقط ، فلتبدأ بالأبسط فالأعقد ، فإذا أثبتّ جدارتك في ما دون ، فقد تكون جديراً بما فوق الدون !! أما أن تنادي بطرد الأجانب وأنت لن تعمل مكانهم فهذا سيجعل من شوارعنا مرمى للنفايات ، وسيتعطل البناء والبيع والشراء والتدريس في المدارس الأهلية وغيرها لأن السعوديون يرفضون هذه الوظائف (الدنيا) ويرفضون رواتبها الأدنى !!


كما طالب مصمم الإيميل بحدّ أدنى للأجور ، وللحقيقة فهذه نقطة معقدة وعميقة وتحتاج لمقال منفصل للكتابة عنها .. فيجب ألا نفكر من زاوية واحدة وهي زاوية طالبي العمل ؛ بل يجب أن نفكر في انعكاسات هذا القرار على أصحاب الأعمال وخاصة أصحاب الشركات المتوسطة والصغيرة ؛ ثم نفكر في تداعيات هذا القرار وهذا الحد الأدنى للأجور إذا ماواجهت البلاد أزمة اقتصادية ، فهل نزيد الحد الأدنى بما ينفع المواطن ويضر صاحب العمل ؟؟ أم نترك الوضع على ماهو عليه ؟؟ لذلك أقول أن هذه النقطة معقدة ولا أظن أحداً يقنع الآخر برأيه ، على الأقل في الوقت الحاضر !!

ومن ضمن طلبات كاتب الإيميل طلب غير منطقي ولا يمكن تحقيقه !! ألا وهو عدم حصر الوظائف الفنية والمهنية والإدارية والطبية والقيادية على الأجانب !!! وهذا طلب غريب وغير صحيح .. لأن الأجانب إذا كانوا يحتلون بالفعل كل هذه الفئات الوظيفية فإن نسبة السعودة هي صفر فهرنهايتي ، والسعوديون لا يشغلون أي وظيفة في السعودية ، وهذا غير صحيح بالطبع !

وتقترب طلباته من النهاية عندما يطلب مراكز تدريب للشباب السعودي لتأهيلهم لوظائف تحتاجها المملكة ، إلى جانب تخصيص بعثات للشباب في تخصصات يحتاجها سوق العمل !! ولا أدري هل كاتب الإيميل غير سعودي أم سعودي ولكنه لا يعيش معنا !!!!!
فقد نشرت إحدى الصحف المحلية قبل أيام إحصائية رسمية عن مكتب العمل وصندوق تنمية الموارد البشرية ، أن 61% من الشباب الذين تم اختيارهم لوظائف ليتم تدريبهم عليها لا يحضرون لاستلام وظائفهم !! ولا حتى يردوا على جوالاتهم ويعتذروا !! يعني قمة المهزلة !!
إذا الشاب مو قادر حتى يتحمل الموقف و يرد ويعتذر عن الوظيفة ولو بالجوال ، كيف ممكن يتحمل أعباء وظيفة أو أعباء عمل !! ويقولوا اطردوا الأجانب ......... عجايب !!
وعلى الجانب الآخر فالبعثات موجودة ومنذ سنوات ؛ لكن الظاهر الأخ مشغول بإرسال الإيميلات وشنّ الحملات ومايدري إن البعثات قائمة على قدم وساق ومنذ سنوات تمتد لما قبل مولده ، عندما كان شباب الثانوية يبتعثون بعد تخرجهم على حساب الدولة ..
وموضوع البعثات أصلاً يحتاج أيضاً موضوع منفصل للحديث عنه .. وسيكون بإذن الله في مقال لاحق ..


وأخيراً وليس آخراً .. يطالب بإغلاق أي منشأة تقل نسبة السعودة فيها عن 50% !! هذا طلب غبي وظالم .... يعني لما أكون أنا كمواطن عارف إن الشركة مستحيل تطردني عشان لا تقل نسبة السعودة عن 50% عشان لا يقفلوها بالشمع الأحمر ، سألتكم بالله كيف حيكون أدائي في العمل ؟؟؟؟ قسماً بالله أنواع التفلت والاستهتار في العمل ، خلونا واقعيين في طلباتنا وفكروا من زاوية أصحاب الأعمال مو بس من زاوية المواطن ..


أما تهديده في آخر الحملة بالتشهير للشركات المعادية (التي لا تنفذ قائمة مطالبهم) فالتشهير ليس من سنة رسول الله ، وليس هو الحل بالتأكيد !!
وبيني وبينكم ، زرت موقعهم اللي بيقود الحملة .... موقع هزيل تحركه المشاعر والعواطف ومافي شي عملي و جاد لتغيير الوضع العام .. مجرد شعارات وهتافات وواحد يعرض يسوي استكرات للسيارات وواحد يعرض مدري ايش ... وحاجات غريبة لا تقدم ولا تؤخر .. ومادام الأمر عشوائي فسيظل جعجعة بلا طحن !
أما خاتمته بالدعوة لمقاطعتهم وعدم التعامل معهم أو الاستعانة بخدماتهم أو شراء منتجاتهم ؛ جعلني أشعر برغبة عارمة في حتة توست مدهون عليها زبدة ، لأن الموضوع ذكرني بالدنمارك !

السبت، 27 يونيو 2009

احنا حفظنا .. وهو فهم !

علي الشهري ..
شاب عشريني من منطقة عسير ، وافته المنية في حادث مروري وهو في طريق عودته من جدة إلى عسير بعد إجراء عدة فحوصات طبية ..
وسبب وجوده في جدة ابتداءً وإجراءه هذه الفحوصات ، هو نيته بالتبرع بكليته لشخص لم يلتق به في حياته !
ولا تنتهي القصة هنا .. بل تستمر المروءة والشهامة والكرم والإيثار وحب الخير في "علي" حتى وهو ميت ! حيث وجدوا في جيبه وصيته التي يلح فيها على ورثته المعارضين بأن يهبوا كليته لوجه الله لـ "فايز الأثلي" !!

في ظل وطأة المادية التي تعتري مجتمعنا الأصيل المعطاء ، أصبحنا نقف مشدوهين فاغري أفواهنا أمام قصص مماثلة ، وكأننا ماعرفنا الكرم ولا الإيثار يوماً !
أصبحت قصص من هذا النوع تثير مخيلاتنا وعواطفنا وكأنها قصص من ألف ليلة وليلة ..
وأصبح بعضنا يصف هذه الفئة بالأغبياء ، لأن هذا ليس زمن الطيبة والعطاء ، بل زمن الأخذ ، وإن كنت ستعطي فلتعطي الآخرين على "مؤخراتهم" أو أقفيتهم !!
صعدت هذه الأفعال والتصرفات بأصحابها إلى مصاف الأساطير والخياليين ، ونحن ملوك الكرم والعطاء ، والتاريخ الأدبي والشعري (القديم والحديث ، الفصيح والنبطي) يشهد بجودنا وكرمنا !! (يمكن كلام شعر بس ، مو حقيقة)

قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : "إن قامت الساعة و في يد أحدكم فسيلة ، فإن استطاع أن لا تقوم حتى يغرسها فليغرسها" السلسلة الصحيحة/9 .
وحين نقرأ وصية "علي" ندرك مدى فهم "علي" للحديث الذي كررناه مراراً وتكراراً ونحن صغار في الإبتدائية ، في الوقت الذي لم نتجاوز فيه مستوى حفظ الحديث !
الحديث يحثنا على فعل الخير وفعل ماينفع الناس ولو كانت في آخر ثواني العالم .. ونحن نتأفف من إعطاء ريال لطفل عند إشارة بحجة أنهم عصابات ، ونسينا أن الفسيلة لو زرعناها قد يأكلها عصابات !!
بمعنى : المفترض أن نفعل الخير ونرجو الثواب من الله ولا نبحث عنه بعد ذلك ، وليس أن نتحرى خط سير ريالنا "المشقشق" ونحكم على آخذه من شكوكنا فيه !

أعجب من "علي" وأعجب من كل من يتلف ملكية عامة أو خاصة بإهماله أو سوء استخدامه أو "استخساراً" أو بناء على قاعدة "شي مو لك جرّ أم أمه ع الشوك" وكأن الدنيا لن تزول وكأنه هو لن يزول !!!!

لله درك يا "علي" .. رحمك الله وأثابك فسيح فردوسه الأعلى ..
لن أعزي والديك بقدر ما سأهنئهم بحسن ترتبيتهم .. وشاب مثلك لا يـُـبكى عليه بقدر مايفتخر به حياً وميتاً ..
طبت يا "علي" .. طبت حياً وميتاً ..
اللهم اغفر له و ارحمه ، وعافه و اعف عنه ..
و أكرم نزله ، و وسّع مدخله ..
ونقـّـه من الذنوب والخطايا كما ينقى الثوب الأبيض من الدنس ..
و اغسله من خطاياه بالماء والثلج والبرد ..

الاثنين، 22 يونيو 2009

حلوة يابلدي (3 والأخيرة)

عند مكتب تأجير السيارات سأل "حمدي" موظف المكتب : ممكن نأجر عربية بسواقها عشان يفرجنا على البلد ؟؟
رد الموظف بآلية : ممكن .
فسأل "حمدي" بحماس : وايه البرامج السياحية اللي عندكم ؟؟
فغر الموظف فاه بدهشة وهو يقول : يعني ايش برامج سياحية ؟؟
رد "حمدي" بحماس لم ينقطع : يعني السواق ياخدنا يفرجنا على المناطق السياحية والآثار والمتاحف ، وكدا يعني !
رفع الموظف أحد حاجبيه متوجساً الحذر من "حمدي" أن يكون هازئاً به ، وقال شارحاً : يا أستاذ أي آثار وأي متاحف بس !! هنا مافي غير مطاعم وأسواق ومولات .. وإذا بتحضر مهرجان طراطيع .. عفواً ألعاب نارية قصدي .. بس !
قال "حمدي" مجادلاً : يعني ايه مفيش آثار ! أنا قرأت كتير عن بلدكو وأكيد فيها آثار !!
رد الموظف بطفش منهياً هذا الجدال الوليد : لو انت تعرف مكان الآثار السواق يوديك ، أما لو ماتعرف مكان ماحيقدر يوديك أي مكان غير الأماكن المعروفة زي الأسواق وغيرها!!
وقبل أن يستمر "حمدي" في الكلام قال الموظف بسرعة : تحب سيارة كبيرة ولا صغيرة ؟؟؟
وفهم "حمدي" التصريفة بأن الموظف لا يريد مزيداً من الكلام الكثير الذي لا يسمن ولا يغني من جوع ! ولم يسأل حتى عن أي منشورات سياحية حتى لا يرميه الرجل بالدباسة الكبيرة على المكتب !

***

قرر "حمدي" أن يستقل وعائلته ليموزيناً لأقرب فندق محترم ، وبعدها يقرر وسيلة التنقل المثلى .
وفي استقبال أحد الفنادق الشهيرة بمدينة جدة ، تفاجأ "حمدي" بأسعار الغرف اليومية الذي يجاوز في بعض حالاته أسعار إقامة لمدة يومي نهاية الأسبوع في شرم الشيخ ! فأرجع ذلك بأنه موسم سياحة ، وإن لم يكن الفندق مزدحماً فعلاً بالسياح !
وبعد عشاء فاخر في أحد المطاعم الراقية على كورنيش جدة ، كان الجميع مرهقون من يوم حافل بالسفر والمفاجآت الغريبة التي لم يكونوا يتوقعونها ، من أسلوب الناس الجاف في التعامل وإن كانوا فعلاً خدومين ، إلى جانب الأسعار المرتفعة غير المبررة للفنادق والليموزينات ورسوم دخول المنتزهات والملاهي ، والوضع الغريب بوجود يوم للعوائل ويوم للشباب في بعض الأماكن والذي منعهم من دخول مدينة ملاهي لأنه كان يوماً مخصصاً للشباب ، فلم تكن لتفترق العائلة ليدخل "أحمد" وحده للملاهي ! إلى جانب ذاك الرجل الذي تعرض لـ "أحمد" بخشونة متهماً إياه بمعاكسة ابنته التي لم يظهر منها سوى كفيها وعينيها من خلف عباءة سوداء !
والحقيقة أن "أحمد" كان ينظر إلى الفتاة باستغراب وليس بإعجاب ، فهو لم يألف بعد أن تكون كل النساء متشحات بالسواد ولم يعرف السبب الحقيقي لذلك لثقافته الدينية والاجتماعية المتدنية .. ولكنه نال عقاب تلك النظرة بتوبيخ شديد من والد الفتاة جعله يتعلم أول درس سياحي في السعودية : لا تطالع وإلا فقعنا عينك !!

***

طال انتظار "حمدي" وعائلته على كورنيش جدة على أمل أن يجدوا ليموزيناً في هذا الوقت المتأخر من الليل ليقلـّـهم إلى الفندق . كان الزحام على الكورنيش شديداً وحركة المرور تكاد تكون متوقفة ، والجو السيء ضاعف من توتر الجميع !
ومن بعيد شاهد الجميع ذاك الليموزين المنقذ وهو يتجه إليهم ، ومن فرط تعبهم وتوترهم قفز الجميع من الرصيف إلى الشارع دون اتفاق مسبق ليوقفوا الليموزين !
واستغل سائق الليموزين وجهة "حمدي" وعائلته البعيدة نسبياً ، وطلب سعراً مهولاً كأجرة توصيل متحججاً بالزحام الشديد والوقت المتأخر ومنوّهاً بأنه لا يوجد ليموزينات حالياً !! حاول "حمدي" أن يصل لاتفاق مع السائق بأن ينقده أجره بناءً على عداد السيارة .. فاستغرب السائق هذا الاقتراح وأكد له بأن العداد لا يعمل ولا يستخدمه أحد أساساً !!
وهنا .. تكالبت كل الأمور على "حمدي" ، وتجمع تعبه وتوتره وعصبيته وحرارة الجو في قنبلة متوسطة الحجم ، فنزع فتيلها وانفجر في السائق قائلاً :
انت حتوصلني غصب عنك على حسب العداد ، وإلا حنادي لك بوليس السياحة يتفاهم معاك في السعر !!
اغتاظ الرجل من أسلوب "حمدي" الثائر ، ولكنه تمالك نفسه قائلاً بضحكة عصبية :
أي بوليس سياحة وأي أسعار !! احنا ما عندنا مراقبة أسعار ولا بوليس سياحة ولا عندنا سياحة أصلاً عشان يكون عندنا بوليس لها !! انت ايش اللي جابك من بلدك ياملقوف ؟؟ مسوي جاي تتمشى عندنا يعني ؟؟ أنا أصلاً ما اشتغلت في هذا الوقت من الليل إلا قاعد أجمع فلوس أسافر بها مصر ، وانت جايني هنا تتمشى ؟؟
ثم ضحك ضحكة مستفزة وهو يكمل :
روح بلغ بوليس السياحة بإن اسمي (....) وسيارتي (....) وإني ما أبغى أوصلك إلا بألفين ريال ..
ثم قذف ضحكة شامتة في أذني "حمدي" لم ينسها في اليوم التالي وهو في طائرة العودة إلى مصر مع عائلته .. وكان أكثر مايشغل تفكيره سؤال واحد : يا ترى ايه معنى كلمة ملقوف ؟؟

حلوة يابلدي (2)

خمس مقاعد في وسط الطائرة احتل أحمد أولها ، تليه شقيقته ثم أمه ثم قائد الرحلة "حمدي" .. وفي المقعد الخامس بجوار "حمدي" جلس رجل سعودي أربعيني ، تبدو عليه سمات الوقار .. وعندما أطفئت علامة ربط أحزمة المقاعد ، لم يستطع "حمدي" أن يتمالك نفسه من أن يلتفت صوب جاره السعودي معرفاً بنفسه بحماس ، شارحاً رحلته البطوطية هو وأسرته إلى السعودية !
ولم يغب عن السعودي محاولات "حمدي" للاستعراض بمعلوماته عن آثار السعودية ، وببساطة سأل السعودي : انت مين اقترح عليك تصيّف في السعودية ؟
رد "حمدي" بفخر : كانت فكرتي بصراحة ، لأن الآثار كتيرة في السعودية ؟
سأل السعودي باهتمام : وهل زرت آثار مصر كلها ؟؟
تلعثم "حمدي" وهو يجيب : مش كلها يعني ، لكن أدينا بننوع !!
رد السعودي بهدوء : السعودية كما تفضلت يبو أحمد فيها آثار كثيرة لكن ماحتعرف توصل لشي وحتعاني من عقبات كثيرة !!
ظهر التوتر في صوت "حمدي" وهو يقول : قصدك ايه يا أستاذ ؟؟
ابتسم السعودي بهدوء وهو يقول : أي سائح يحتاج أكثر من مجرد معرفته بتاريخ وآثار بلد معينة .. بمعنى ، لا يكفي يا أستاذ حمدي إنك تعرف إن فيه أثر معين في الطائف ، أو أثر آخر في الرياض أو المكان الفلاني ، لازم يكون عندك مرشد سياحي .. أو على الأقل كتيب إرشاد سياحي .. وهذي الحاجات للأسف من الرفاهيات اللي لا المواطن السعودي ولا السائح الأجنبي بيلاقوها !
توتر "حمدي" وتسارعت كلماته مدافعاً : بس أكيد سواقين التكاسي عارفين برضو لو قلت لهم !
لم تفارق السعودي ابتسامته وهو يقول : سواقين التكاسي ممكن يودوك عنوان انت توصفه لهم بالمللي .. أو يودوك فندق معين أو ماشابه .. لكن تقول له آثار !!!! ما أظن .. هذا غير إن بعض مناطق السعودية اللي انت مخطط تروحها مافيها تكاسي أصلا !
اتسعت عينا "حمدي" في ذعر وهو يردد : مفيش تكاسي !!!! طب نأجر عربية أو ناخد مواصلة عامة .. ولا ماعندكمش ؟؟؟
ضحك السعودي ضحكة قصيرة وقال وباصات خط البلدة تمرّ بمخيلته : تقدر تأجر سيارة يا أستاذ حمدي ، لكن حنرجع للمشكلة الأولى ، يلزمك دليل سياحي أو كتيب إرشاد سياحي ! وبالنسبة للمواصلات العامة فما عندنا غير التكاسي ، ومثل ماقلت لك مو في كل المدن ! يعني لا باصات ولا قطارات ولا أي شي !
ازداد إحباط "حمدي" عندما أكمل السعودي : وبعدين حتى لو معاك سيارة ومعاك كتيب سياحي ، وارد جداً إنك تمر من جنب الأثر أو المعلم وماتعرف إنك مريت من جنبه ، لأنه ببساطة مو مكتوب عليه أي لوحة تعريفية أو حتى تحذيرية إنه أثر ! وهذا طبعاً لو كنت محظوظ ولقيت في الشوارع أي لوحة إرشادية توضح أماكن واتجاهات الآثار والمتاحف !!
كاد "حمدي" أن يهتف بسائق الطائرة أن ينزله هو وأسرته في أي حتة على جنب ، لولا أن تذكر فجأة أنه ليس هناك سائق طائرة وإنما كابتن طائرة ، وأنهم في الجو وبالتأكيد مفيش أي حتة على جنب !

***

أول مالاحظته "أم أحمد" عند وصولهم لمطار جدة حالة جمود عضلات الوجه عند السعوديين العاملين في المطار ! أو بمعنى آخر ، حالة العبوس وعدم الابتسام ، والتي تستطيع رؤيتها في جميع الوجوه ، وكأنه وباء جماعي أو نوع من انفلونزا الابتسامات أصاب الكل فأصبحوا لا يبتسمون !!وتذكرت أبناء جلدتها الذين ما أن تطأ أرض مطارهم في مصر ، حتى يبادر الكل للابتسام في وجهك وترديد العبارة الشهيرة "كل سنة وانت طيب يابيه" ، "كل سنة وانتي طيبة يامدام" .. فهي وإن كانت عبارة تزلفيّة واضحة من فصيلة شفاطات العملات ، ولكن تظل الابتسامة موجودة ومزيلة للتوتر ..
وخاطبت "أم أحمد" نفسها قائلة : هو عندهم مصيبة في المطار والا ايه !! مالهم مبوزين كدا ؟؟
أما "حمدي" فحاول استكشاف النفوس وطبائع الناس عندما خاطب رجل الجوازات مبتسماً بتودد : ألاقي فين مكتب سياحي ممكن نأجر منه عربية أو ناخد منه عربية بسواقها عشان يفرجنا على البلد ؟؟
رد رجل الجوازات بأدب ولكن بنفاد صبر ودون حتى أن ينظر إلى "حمدي" : مافي مكاتب سياحة ، لكن اطلع من بوابة الصالة وروح يسار بتلاقي شركات تأجير السيارات .
شكر "حمدي" رجل الجوازات ، وإن أحس في نفسه بحرج واستغراب من هذا الأسلوب الجاف ، ولكنه صبّر نفسه بأن الحال في مصر ليس بأفضل منه في السعودية ! ولكنه بدأ يصدق كلام الرجل السعودي من الطائرة بأنه لا يوجد فعلاً مكاتب سياحية !!!
وبدأت رحلة "حمدي" وعائلته ..

يتبع ...

الجمعة، 19 يونيو 2009

حلوة يا بلدي (1)

تهلل وجه "حمدي" فرحاً وهو يطالع شهادة آخر العام لابنه "أحمد" ، الحاصل على تقدير ممتاز وأحد المراكز المتقدمة على مستوى الجمهورية في اختبارات الثانوية العامة ..
ونفضت "أم أحمد" الشقة بـ "زغروطة" (غطرفة) مفاجئة واحتضنت "أحمد" ودموع الفرح تتلاحق على وجهها ..
ومن بعيد قدمت "زهرة" شقيقة "أحمد" وكلها ترقـّـب لقرار والدها ، الذي وعدهم بمفاجئة مذهلة إن هم نجحوا في اختبارات هذا العام ..

<حنروح السعودية>
نطقها الأب بنبرة مترقبة لردود أفعال أبناءه ، الذين فرحوا جداً بقرار أبيهم ..
ليس بذهابهم إلى السعودية ، وإنما لفكرة خروجهم من بلادهم وسفرهم للخارج لأول مرة ، مما سيجعل هناك مجالاً للتفاخر أمام الأقرباء والأصدقاء بكونهم أول من يسافر في محيطهم الاجتماعي !

***

عندما انفردت "أم أحمد" بزوجها أعربت عن استغرابها من اختياره للمملكة السعودية لقضاء إجازة الصيف ، وذكرته بأول سفر لهم للسعودية منذ مايقارب التسعة عشر عاماً لقضاء فريضة الحج ، وكيف أنه بلد لا سياحة فيه ولا مكان تذهب إليه !
أزال بعض قلقها - أو حاول - بقوله أن ذاك كان منذ مايقارب العقدين من الزمان ، أما الآن فيكفي أن تنظري للحرم في التلفاز ومدى توسعته والتخطيط له ، لتعلمي مدى تقدم السعوديين ..
ذكرته "أم أحمد" بأنها لم تسمع في حياتها عمّن سافر إلى السعودية لقضاء الصيف أو حتى أي فصل من فصول السنة !
فلا إعلانات عن السفر للسياحة في السعودية ، ولا وكالات سياحة بها برامج سياحية ، ولا حتى أي أخبار عن قريب أو بعيد زار السعودية واستمتع بقضاء إجازة فيها ، إن لم تكن إجازة دينية بين مكة والمدينة !
فأكد لها أنه قرأ الكثير من المعلومات عن السعودية ، واهتمامها بالسياحة والآثار ، وجهود هيئة السياحة والآثار السعودية .. وذكرها بالآثار التي تحتضنها أراضي السعودية والفرصة الرائعة لرؤيتها ، بدءاً من مقام إبراهيم والحجر الأسود في مكة ، مروراً بقبر رسول الله والبقيع وجبل أحد في المدينة المنورة ، ومروراً بأرض بدر خارج المدينة ، والتي شهدت أول معارك المسلمين ..
ولعل الفرصة تواتيهم ليروا مدائن صالح ، أو على الأقل ليزوروا مسجدي عداس و ابن عباس الأثرييْن في الطائف ، وسد سيسد المبني في عهد معاوية بن أبي سفيان .. وسيكونون من المحظوظين إن استطاعوا أن يجدوا فوجاً سياحياً ينزل بهم إلى رجال ألمع ليروا بقايا حكم العثمانين ، أو الفاو ليروا مثال المدينة العربية الكاملة قبل الإسلام .. وبالتأكيد يجب المرور على جزيرة تاروت التي عـُـثر فيها على آثار تعود لما قبل الميلاد .. وقصر إبراهيم وقصر خزام في مدينة الهفوف ، وبما أنهم سيزورون الهفوف فبالتأكيد سيزورون مسجد جواثا الذي بـُـنيَ في السنة الثانية من الهجرة .. ولن تنتهي الإجازة في تيماء ، وسيكون للمتاحف نصيب من الزيارة !

فغرت "أم أحمد" فاها متعجبة من هذا السرد الأثري التاريخي ، وتخيلت إجازتها مع أطفالها للمرة الأولى منذ أمد ، تكون بين عبق الماضي ورائحة الأموات وجدران لا تنطق !! كان الأمر ممتعاً في جانب منه ، أما أن تكون إجازتها كلها آثار ، فهذا ما لن تحتمله أعصابها ..
ولم تستطع "أم أحمد" أن تمنع نفسها من السؤال : <عندهم سينما !!!!>
أجابها مسرعاً : <طبعاً عندهم ، وفيلم مناحي مكسر الدنيا .. وبعدين احنا عندنا سينما هنا !>
سألت ثانية : <و ايه أخبار المسرح عندهم ؟؟>
تردد قبل أن يقول : <معنديش فكرة !>
غمغمت بغيظ : <و اشمعنى دي اللي معندكش عنها فكرة !!>

***

دخل "أبو أحمد" وعائلته لمطار القاهرة ، وفي الوقت الذي تكونت فوق رأسه غيمة وردية عن كمّ معلومات الآثار التي سيتلقاها من زياراته المتعددة لها ، تكونت غيمة من نفس اللون فوق رأسي ابنيه عن رحلات البحر ومدن الملاهي و ... تكونت غيمة سوداء فوق رأس "أم أحمد" عن هذه الإجازة المشؤمة السوداء !
لم تدر لماذا لم يرتح قلبها لهذا السفر ، وازداد عدم ارتياحها عندما رأت كمّ السعوديين القادمين من السعودية تشقق البسمة شفاههم ، وقليل من السعوديين العائدين مكفهرة وجوههم !!!
وانقبض قلبها في ضيق !!

يتبع ...

الثلاثاء، 16 يونيو 2009

السينما السعودية

طالعتنا الصحف منذ أيام بخبر تجمهر بعض الناس أمام مركز الملك فهد الثقافي بالرياض ، أثناء عرض فيلم "مناحي" ! والتجمهر لم يكن احتفالاً ، بل اعتراضاً على ما أسموه الخطوة الأولى في طريق السينما .. حيث أصرت الفئة المتجمهرة على الدخول بالقوة لتقديم النصح والإرشاد إلى الفئة الضالة في نظرهم ، وهي فئة السينما بالتأكيد !

نقاط عدة وردت في ذهني بمجرد قرائتي لهذا الخبر :
1- منذ متى يكون النصح والإرشاد بالقوة ، والله سبحانه وتعالى نوّه في القرآن بالموعظة الحسنة ؟؟
2- هل يعي هؤلاء المتجمهرون أن في السعودية محلات مرخصة لبيع أفلام الفيديو ؟؟ أين هم عن النصح والإرشاد ولو حتى في وسائل الإعلام عن هذا الموضوع ؟؟
3- محلات بيع أشرطة الأغاني وحفلات الغناء التي تقام سنوياً في جدة وأبها والرياض لم تتعرض لما تعرض له فيلم "مناحي" ! فهل سماجة مناحي وقعها أقوى دينياً واجتماعياً على السعوديين من كلمات الأغاني والحفلات التي تستمر لساعات الصباح الأولى ؟؟ أين المتجمهرون عن ذلك ، خاصة في ظل فتوى الأئمة الأربعة وحتى عند بعض المذاهب الأخرى بمحرومية سماع الأغاني ؟؟ هل نغضّ الطرف عن ما وردت فيه الفتوى ، ونتجمهر ونفسـّـق مالم تصدر فيه فتوى لمجرد أن فئة "لم يعجبها الحال" ؟؟
4- ماهو الضرر الحقيقي من افتتاح دور عرض السينما ؟؟ فالناس الآن يتابعون الأفلام في البيوت وفي دور عرض مصغرة مقولبة في شكل مقاهي ومطاعم (يوجد منها في منطقة البلد في جدة) .. إلى جانب تحميل الأفلام والمسلسلات الأجنبية من النت .. وبعض من أعرفهم ممن يصفون أنفسهم بالملتزمين دينياً يمارسون هذا التحميل من النت (يعني غير ذنب الفرجة على شيء قد يكون غير جائز ، فهم يخالفون حقوق النشر) !! كل هذا يدل على أن التجمهر لم يكن من أجل فكرة السينما بحدّ ذاتها ، وإلا لوجدت كل هؤلاء يقومون بإحراق وإتلاف محلات الفيديو والدشوش .. وهذا يقودنا للاستنتاج الآخر المنطقي ، وهو معاداة فكرة السينما بحجة الاختلاط !! وهذا يقودنا للرقم "5" .
5- الناس الآن مختلطون في الأسواق وخاصة مطاعم الأسواق أو مايسمى بالـ "فوود كورت" والمتنزهات والملاهي والطائرات (حتى السعودية) وحفلات الألعاب النارية وفي مهرجانات الأسواق ، حيث الكل يرسل أطفاله للمشاركة وسط التجمهر الجماعي للنساء والرجال .. إذاً الاختلاط في السينما هو نفسه الاختلاط في هذه الأماكن العامة ، ومن دخل داراً لعرض الأفلام يعرف ذلك .

ولنتحدث عن تجربة الدول العربية في السينما . سافرت لعدة دول عربية بها دور سينما وكان الوضع الطبيعي لأي أسرة تدخل لتشاهد الفيلم أن يجلس رجال الأسرة على طرفين ، حاصرين نساء الأسرة بينهما ، أو العكس ، بحيث يكون الحاصل أن يجلس الرجال أو النساء على الأطراف بجانب رجال مثلهم أو نساء مثلهن .. ولم يكن يحتاج الأمر لمنسق للأمر أو "مضيف" مثل الخطوط السعودية لترتيب الجلوس ! وعند بدء عرض الفيلم لا أحد يتكلم إلا من همسات أوتعليقات على الفيلم والعيون كلها على شاشة العرض ، ولا أحد يتجرأ - وأقولها بثقة - لا أحد يتجرأ على فعل شائن خشية بطش المنسقين (المتواجدين من إدارة السينما بالتأكيد) وخشية بطش الناس أيضاً الذين ستأخذهم الحميّة ضد أي مارق خارق للقوانين و"سيعجنونه" تحت أقدامهم ، فليست الحمية والغيرة مقصورة على السعوديين !

حضرت قبل أسابيع محاضرة في غرفة جدة ، وفي آخر المحاضرة استشهد المحاضر بقصة حقيقية تم تمثيلها في فيلم هوليوودي . وببساطة قام بتشغيل الفيلم الأمريكي على كمبيوتره الشخصي ، ناقلاً الصورة على شاشة عرض كبيرة ! وبالطبع استدعى الأمر أن تطفأ الأضواء إلا من نور خافت .. كنت جالساً في الصف الثاني ، وفي أثناء عرض الفيلم التفتُ خلسة إلى الخلف لأرى ردود فعل الناس ، فإذا الكل "منتبه و متابع" ولا شيء يثير الريبة ، مع أن أكثر الحاضرين في سن الثلاثين فما دون ، والرجال يتقدمون صفوف النساء .. ولكثرة الحضور النسائي اضطر المنسقون لتقسيم القاعة طولياً وليس أفقياً .. بحيث أصبح الرجال والنساء يجلسون على مستوى واحد ، لو لوى أحدهم عنقه لرأى جنساً آخر ! ومع ذلك لم يحدث مايجعلنا نخاف ونهلع من فتح دور السينما !!

لعلّ المتشائمين سيقولون لن ننتظر ليحدث شيء ما لنغلق دور السينما .. فأقول لهم : لن يكون الاختلاط في دور السينما أشدّ منه في الأسواق ، ولن يكون الكلام بين الرجال والنساء في السينما أشد منه بين البائع والزبونة ، فالكل في السينما سكوت !
ولو كان الاعتراض شرعياً من حيث الاختلاط ، فمواقف كثيرة مثل التي ذكرناها آنفاً فيها اختلاط أكبر ! ويكفي حضور كل امرأة مع محرمها لينتهي الأمر .. وللعازبين والعازبات يكفي تخصيص وقت محدد للشباب على حدة وللنساء على حدة كما يحصل في ملاهي الشلال ..

بعد كل هذا التفصيل في الحقائق ، ماهو المانع الحقيقي لبدء افتتاح دور سينما سعودية ؟؟
هل هو مانع شرعي أم مانع اجتماعي ؟؟

الاثنين، 15 يونيو 2009

من 1 إلى 10

"فلنستخدمها بدلاً من العدّ من واحد إلى عشرة" ..
هكذا أنهى زميلي في الألم وفي العلاج الطبيعي وفي مسبح المستشفى حديثه معي اليوم ، منتزعاً نظرة تقدير من عينيّ وإبتسامة إعجاب من شفتيّ ..

بدأ حواره فجأة دون مقدمات قائلاً :
نحن نستخدم العدّ من واحد إلى عشرة في كل تمارين العلاج الطبيعي كتكرار ..
وقد قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : "أحب الكلام إلى الله أربع : سبحان الله ، والحمد لله ، ولا إله إلا الله ، والله أكبر" ..
ثم أردف قائلاً : "فلنستخدمها بدلاً من العدّ من واحد إلى عشرة" ..
أنهى كلامه ببساطة كما بدأه ببساطة ، ولم ينتظر حتى تعليقاً مني !
فقد بدأ فعلاً بالتسبيح والحمد والتهليل والتكبير والتمرين !!!
وبصراحة .. إلى الآن لا أملك تعليقاً على ما قال أصلاً !

جزاه الله كل خير .. علمني درساً رائعاً ..

الأحد، 14 يونيو 2009

تعودنا ونسينا

قبل سنين كثيرة كان امتلاك أحدهم لراديو في منزله ، كمن يمتلك شيطاناً رجيماً يتحدث من داخل علبة حديدية !
وكلنا يملك بعض قصص كبار السن عن رجال الهيئة - الحسبة آنذاك - الذين يمرون بالبيوت ويكسرون الراديو في عقر البيوت بحجة أن الشيطان يتحدث من داخل الحديد !
ثم تناسى الكل الأمر واعتادوه ..

وقبل سنين معدودة كان مجرد امتلاك أحدهم لصحن استقبال فضائي (الدش) يعتبر جريمة اجتماعية وأخلاقية ... ودينية في نظر بعضنا !
ولم يكن من المستغرب أن تجد بعض الرجال فوق بعض الأسطح يحملون مسدسات ويطلقون رصاصاتها باتجاه الدشوش ..
ثم تناسى الكل الأمر واعتادوه ..

ثم ظهرت الجوالات ، وأصبح كل حامل للجوال ملعون و "صايع" وابن ستين في سبعين ..
وتدهور الأمر مع ظهور جوال الكاميرا ، وأصبح الكل يتنبأ بزمن الفضائح .. وأعرف الكثيرين الذين قرروا منذ ظهور الجوال أن يمنعوا نسائهم من أخوات وبنات وحتى أمهات من شراء الجوال .. وتعدل القرار بعد ظهور جوالات الكاميرا ليصبح أنه لا مانع من الجوال مادام لا يحوي كاميرا في "مؤخرته" !
والآن .. نفس الأشخاص الذين حرموا نسائهم من الجوالات أولاً ، ثم أباحوها لهم بدون الكاميرات ثانياً .. هم نفسهم الذين يشترون جوالات الكاميرا لنسائهم في المناسبات وأعياد الميلاد والفالنتاين وعيد "التناقض" وعيد "الوصاية الجماعية" !
ثم تناسى الكل الأمر واعتادوه ..

والآن .. لا يزال هوس الوصاية الجماعية والخوف من الأسوأ و حجة "سد الذرائع" هي العائق أمام السماح لقيادة المرأة للسيارة ، وستظل عائقاً أمام كل جديد في المجتمع ..
لن أقول بأن المرأة تقود السيارة في القرى والصحاري ربما من أقبل أن أولد ، و ربما باحتراف اكثر مني أيضاً !
ولكن سأقول : لماذا هذا المنع قبل أن يولد الشيء ؟؟؟ لماذا يصيح بعضهم مندداً بكل شيء يطلبه الشعب متخذاً من الدين بوقاً لردود أفعاله وقراراته ؟؟ لماذا نتوقع الأسوأ دائماً ؟؟ لماذا سوء الظن بشعبنا عامة ، وبشبابنا خاصة ؟؟ لماذا هذا الهلع والرفض الجماعي !
ربما أُسيء استخدام كثير من التقنيات - ولايزال وسيظل - لكن هذا لا يعني المنع الجماعي .. ومسألة سد الذرائع لا تصلح رداً على كل مسألة يواجهها الشعب ، خاصة إذا لم يكن هناك مانع ديني أو اجتماعي (مع وجوب ذكر أننا نحن كشعوب من نفرض هذه الاجتماعيات وليست الاجتماعيات من تفرض نفسها علينا) !

استأنا من الراديو سابقاً ، ومن الدشوش ، ومن الجوالات ثم جوالات الكاميرا ، والآن من قيادة المرأة !
الأمور السيئة تحصل سواء بوجود تقنية أو عدمها .. وهذه سنة الله في الكون أن نخطأ ونستغفر ونتعلم الخطأ ونقنن القوانين لضمان عدم تكرار هذاالخطأ ، ثم نطور قوانيننا مع كل خطأ جديد .. وهكذا تتقدم الدول !
أما أن نمنع كل شيء جديد بحجة سد الذرائع فهذه حجة سامجة باردة غير مستساغة ، تشعر المرء بأنه مهما تعلم و سافر و جرب واختلط وتثقف ، فإنه لا يزال تحت وصاية المجتمع المدني وقوانينه (التي وضعناها بأنفسنا) وأنه لا طائل من هذا العلم ولا هذه الثقافة ولا هذه الحرية في الرأي ولا هذه الحرية في الصحافة مادامت كل الآراء يضرب بها عرض الحائط بكل بساطة ، ومادام بعضنا يصدر قراره من منظور شخصي تربى عليه واعتنقه ، وليس من منظور اجتماعي مدني متفتح مرن يناسب مجتمعنا ولا يخالف شرع الله في المرتبة الأولى !

ما أسوأ مايمكن أن يحصل لو قادت المرأة السيارة ؟؟؟ تحرش ؟؟ اغتصاب ؟؟؟ وليكن .. أتخبرني أنه لا تحرش ولا اغتصاب حالياً بداية من السائقين الأجانب وانتهاء بشباب عاطل متسكع !! فلتكذب على غيري !
أتخبرني أننا بقرار المنع نقلل من حوادث التحرش والاغتصاب ؟؟ أقول لك وما أدراك بأنها ستزيد أم ستنقص ؟؟
لا تزيد التقنية من شيء ، فالسيء والأسوأ في كل زمان ومكان ، بل في أشرف زمان وأشرف مكان ، في مدينة رسول الله في عهد رسول الله .. ألم يكن هناك زنى وشرب للخمور وربا وانتهاك للحرمات ، وما إلى ذلك من الذنوب ورسول الله بين ظهراني أشرف خلق الله بعد الأنبياء ؟؟؟

لا تفكر في القرار من منظورك الشخصي ، بل فكر في حاجة أسر ليس لها عائل لمثل هذا القرار ..
فكر في كل مطلقة وأرملة وكبيرة في السن لا تجد من يقضي حوائجها .. هل وجود سائق يقضي مصالحها أهون وأضمن من قيادتها للسيارة ؟؟ أنت بذلك كمن يقول : أضمن السائق الأجنبي على أهلي ولا أضمن الشباب السعودي على أهلي ! ولا يقاس الأمر بهذه الطريقة ابتداءً !
إن كنت تخشى على أهلك الضرر ، فببساطة لا تشتري لهم سيارة .. لكن لا تلغي تفكيرك وتلغي فكرة ستحل مشاكل كثيرة اقتصادية واجتماعية وأسرية لمجرد أنك تراها بمنظورك السلبي الذي يرى أن كل الأمور سيئة إلى أن يثبت العكس ! ولن يثبت العكس أبداً طالما أن الأمور تقتل في مهدها !!!

ماذا نحاول أن نمنع هنا ؟؟؟ الذنوب ؟؟ وهل يحتاج العاصي لسيارة لينفذ مآربه ؟؟ لم يحتج قوم لوط (كمثال) لسيارات ليتحرشوا بضيوف نبي الله لوط .. وسيظل الناس يذنبون مادامت السماوات والأرض .. ارفعوا عنا هذه الوصاية الجماعية فقد سأمناها ، وأنتم يامواطني السعودية لا ترفضوا كل جديد حتى تجربوه وتوقنوا من عدم جدواه أو بأغلبية مساوئه على محاسنه .. فأنتم بذلك كمن يرفض أن يقود أي سيارة غير سيارته متحججاً بأن سيارته هي الأفضل وستظل الأفضل !

تعقيب شخصي : لو أتيحت الفرصة للنساء لقيادة السيارة ، فسأعلم زوجتي مستقبلاً إن شاءالله القيادة ..
ليس شرطاً أن أعطيها سيارة ، ولكن يكفي أن أعلمها لتزيد ثقتها بنفسها ، وعلى أسوأ تقدير يكفي أن أعلمها القيادة لحالات الطوارئ ..
وتذكر .. كما رفضنا كل تقنية جديدة سابقاً ثم اعتدنا الأمر ونسيناه ، أتمنى أن يأتي اليوم الذي نجرب فيه كل شيء جديد (وليس قيادة المرأة فقط) دون قيود و دون رفض بما لا يخرجنا عن حدود شرعنا .. ووقتها فقط أقول : اعتادوا على الأمر وانسوه ..

السبت، 13 يونيو 2009

دعوة للتحاسد !!

كان "سالم" يمدّ أهل قريته بما يلزمهم من عربات للتنقل ..
كان يشتريها من قرية مجاورة ، ثم يبيعها لأهل قريته مكتسباً فيها ما جاد الله به عليه ..
وبغضّ النظر عن مايجنيه سالم من المال ، فإن أحداً لم يسأله يوماً بكم اشتريتها ولا كم تجني من ورائها ..

وفجأة ألمّ بقريته قحط وجفاف مفاجئ ، وتفشـّـى الغلاء في القرية ..
وسارع التجار برفع أسعار بضائعهم .. لكن سالم لم يغير أسعاره .. واكتفى بنفس المبلغ الذي كان يتقاضاه أيام الرخاء ..
وثار الناس ، وهاجوا وماجوا .. وطالبوا بمحق وإقصاء الظالم القاسي "سالم" .. وطالبوا بكل مايلحق الضرر بتجارة "سالم" ..
ولم يفهم "سالم" هذه العداوة المفاجئة ! ولم يفهم سبب تكالب الناس عليه وهو الذي لم يزد أسعاره !! ولم يفهم سبب سكوت الناس عن أصحاب التجارات الأخرى وقد زادوا أسعار بضائعهم !!
ومازال "سالم" إلى الآن يتعرض لشرور الناس .. والله وحده يعلم كيف سينتهي به الحال ..
انتهت القصة

عزيزي قارئ المقال ..
هذه القصة القصيرة تمثل وضع إحدى الشركات السعودية .. بل إحدى الشركات الرائدة في السعودية ..
إحدى الشركات التي كانت - ولا تزال - محطّ إعجاب وتقدير الناس بخدماتها الرائعة والمميزة ..
جاءت الأزمة الاقتصادية العالمية الأخيرة ، فهبّ الكل لرفع أسعار بضائعهم .. وكان قائد هذه الشركة من القلائل الذين لم يرفعوا أسعارهم ..
تعرض فجأة لتيارات قوية من التشهير والإقصاء والبحث والتقصي والحقائق الكاذبة والملفقة و ... و "الحسد" !!

نعم .. الحسد .. في حياتي لم أجد أحداً يتعرض لحملة قوية جماعية للحسد مثل شركة عبداللطيف جميل المحدودة !!
حملة كاملة بعنوان "خلوها تصدي" استهدفت إيميلاتنا ومنتدياتنا بصورة غثيثة مقيتة ، توضح مدى حقد الناس وحسدهم وعدم تمنيهم الخير لغيرهم !!
لم يلتفت أحد لـ "البيك" عندما زاد أسعار وجباته .. ولا "الطازج" الذي وصلت زيادة أسعاره لخمسة ريالات دفعة واحدة ليقفز السعر لخمسة عشر ريالاً على "حتة فروج منتف" .. ولم يلتفت الناس لكثير من زيادات الأسعار ، ووجهوا طاقاتهم بأكملها على السيارات .. وسيارات عبداللطيف جميل تحديداً !!
إيميلات طويلة ومكررة وصلتني ، توضح سعر السيارة في اليابان وسعرها في السعودية .. ومكسب الشركة منها .. وأن فلان قد خاطب المسؤولين في اليابان وتأكد منهم ... و و و إلخ !!
ماهذا الحسد ؟؟ ماهذه البغضاء ؟؟ ماهذا السواد في القلوب ؟؟
ياعزيزي محد أجبرك تركب سيارة جديدة موديل 2010 !! المعارض والسيارات المستعملة مليااااااااااانة .. وعلى قد لحافك مد رجليك !

سؤال أوجهه لبادئ هذه الحملة النتنة القذرة : هبْ أنك صاحب تجارة أو صاحب موهبة نادرة .. وانتهى بك الحال أن تكون مطلوباً أو تكون بضاعتك مطلوبة في كل مكان .. وبالتالي ستزداد قيمتك أو قيمة بضاعتك في السوق .. وصادف كل ذاك أن تكون الكرة الأرضية بأسرها تمرّ بأزمة مالية .. سؤالي هو : هل ستقول أخفض من أسعاري مساعدة لشعبي الفقير المطحون المسكين ؟؟؟ أم ستزيد أسعارك محاولاً تحقيق أكبر ربح ممكن من هذه الأزمة ؟؟؟
أقول "كذاااااااااااااااااااب" بالفم المليان لكل من يقول سأخفض أسعاري ..

كل من اشترى أسهم و روّج إشاعة لرفع سعرها وبيعها ..
وكل من اشترى مكينة "سنجر" وضحك على السذج والبسطاء بحكاية الزئبق الأحمر ليبيعها بأسعار خيالية ..
كل هؤلاء وغيرهم لم يراعوا أزمة مالية ولا أزمة يحزنونية .. وكل ما أهمهم أن تزداد أرصدتهم بالبنوك ..
والمشكلة أن نفس هؤلاء الأشخاص قد يكونوا من مطالبي عبد اللطيف جميل بتخفيض أسعاره !

يا ناس ادعوا للرجل بالبركة وقولوا الله يزيده ويفتح علينا ويعطينا .. ومحد ضربك على يدك وقال اشتري من عنده !!
ومحد ضربك على يدك وقال لك غيّر سيارتك الحين !!
وأنت يا أخي .. وأنتِ يا أختي .. راقبوا ما ترسلونه في إيميلاتكم وماتنشرونه في المنتديات ..
فكـّـر للحظة وأعمل هذا العقل المعطل .. وميّز بين الغث والسمين .. وبين مايستحق الإرسال ومايستحق الحذف ..
مو كل ماجاك إيميل يقول انشر تقوم تنشر زي الذيب .. افهم أول شي ايش الموضوع .. ولا تاخذك الحماسة وتنجرف وراء مشاعرك .. زن الأمور بميزان العقل وبمنظور المبادئ الإسلامية .. لا ضرر ولا ضرار يامسلمين !

اسأل نفسك سؤالاً واحداً : لو كنت مكان عبداللطيف جميل وتعرضت لهذه الحملة الشرسة ماذا ستكون رد فعلي ؟؟
ألن تسأل نفسك وقتها : لماذا هذه الحملة القذرة لإيذائي ؟؟ ولماذا أرى حملة كاملة للتحاسد ؟؟ ولماذا يتمنى الناس زوال نعمتي ؟؟

قبل أن توجه اللوم لمن لم يخفض أسعاره يجب أن تتعلم أن تعيش "على قدك" وعلى قد مواردك ..
لا تتوقع تقدر تعيش وانت راتبك 4000 أو أقل وعندك جوالين وسيارة قسط وفواتير كهرب وموية ، غير إنك كافل لك واحد ولا اثنين في سيارات .. وغير إن حضرتك لازم تصبح ريقك المصدي على فرابتشينو زي عيال الذوات ، وكل يوم وانت متكي في قهوة شكل .. وتتفشخر وماتطفح غير في أغلى المطاعم وتجيني نص الشهر أو يمكن حتى ثلث الشهر وأنت مفلس !! وفجأة يطنّ في راسك تغير سيارة .. فتبدأ تلعن في كل التجار ومنهم عبداللطيف جميل إنهم ماخفضوا الأسعار !!!

ملاحظة : لا أعرف أحداً من أسرة عبداللطيف جميل ولا من معارفهم ولا أقاربهم .. وهذا المقال بأكمله لوجه الله ودفاعاً عن عرض وتجارة رجل والذب عنه .. عسى الله أن يدافع عنا ويذب عنا ..
والله المستعان ،،

الخميس، 11 يونيو 2009

يوم في حياتي (الأخيرة)

خرجت من المستشفى لأوقف أحد التكاسي ليقلــّـني للبنك ..
ودون أن أروي لكم كلام السائق الآسيوي ، يكفي أن أخبركم أنها نسخة آسيوية شرقية من كلام السائق العربي الأفريقي !
وعند توقفي أمام البنك وجـّـهت للسائق سؤالاً أخيراً : انت كم لك تشتغل في السعودية ؟؟؟ أجابني : 25 سنة !!رددتُ عليه مداعباً : ياراجل !! انت سعودي أكثر مني هههههه ..التفت إليّ سائلاً : انت سـِـنو جنسية ؟؟ أجبته ببساطة : سعودي !!التفت الرجل إليّ بذعر شديد وهو يلقي على مسامعي سيلاً من كلمات الأسف والاعتذارات .. لم أرد عليه وقابلت سيل كلماته بابتسامة بسيطة ، وتوجهت للبنك !!
***
في البنك تم إلغاء خاصية الأرقام ونظرية الطوابير من أجل سواد عيوني .. لا ، لا ... لحظة .... بل من أجل أنني على عكازين ..
رأف الكل بحالي وقدموني على أدوارهم ، ولم يكن موظفو البنك بحاجة لسماح الناس لي بالتقدم عليهم من عدمه .. حيث بدأوا بخدمتي فعلياً دون الالتفات لزحام الناس .. ولأكون صريحاً فقد شعرت بـ "قليل" من الحزن على الناس لأنني تخطيت أدوارهم ، وبـ "كثير" من الراحة لأنني لن أقف منتظراً دوري كثيراً في ظل حالتي الصحية الراهنة ..ولكنني فكرت جدياً في الاحتفاظ بالعكازين في سيارتي المستقبلية للطوارئ ، بعد أن يشفيني الله عز وجل .. فلا تدري متى يصادفك زحامٌ ما ، ولعلك تستطيع أن تستجدي عواطف الناس بعكازين اثنين ولحية مبعثرة فيقدمونك على أدوارهم !
***
انتهيت من عدة مشاوير ، ووقفت في الشارع منتظراً آخر تاكسي سأراه اليوم ليقلــّـني إلى بيتي ..ولدهشتي ، وفي نفس لحظة وقوفي على الرصيف ، توقف آخر شخص كنت أتوقع رؤيته من جديد .. سائق التاكسي ذو النسخة الآسيوية من حديث الأفريقي !! صدفة عجيبة أعادت لي جشوني في دراسة مادة الإحصاء والاحتمالات ..بمجرد أن رآني توقف دون حتى أشير إليه ، ورمى بسيجارته في الشارع احتراماً لي ، أو هكذا خــُيــّل إليّ .. لكنه بعد أن ركبت السيارة ، أكـّد لي أنه تخلص من السيجارة احتراماً لي واعتذر سلفاً إن كانت سحائب سيجارته ضايقتني !!! قلت لنفسي : أصحابي عيال اللذينا حتى لو طلبتهم يطفوا السيجارة ماطفوها !!واسترسل السائق في اعتذاره السابق يكمله ، لأؤكد له أن من حقه التعبير عن وجهة نظره .. فأخبرني بتفاصيل مدهشة ..وذلك أنه بعد أن أوصلني أحس بذنب فظيع جرّاء ما أسمعني إياه من كلام عن أبناء وبنات جلدتي ، لدرجة أنه قرّر أنه لن يكمل عمله اليوم ، وسيذهب للبيت للنوم .. ولكنه لم يستطع النوم .. وحين أحس ببعض التحسن من نفسه (أو بقيمة إيجار التاكسي اليومي الذي لم يدفعه في ظني) قرّر النزول وإكمال يومه بالعمل .. وكنت أول زبون يقابله !!أخبرني أيضاً أنه طوال فترة وجوده في المنزل لم يستطع أن يمنع نفسه من أن يفكر فيّ كـ "ملاك" لم يكن يتوقع وجوده في السعودية ، وأنني صدمته بأخلاقي العالية وبقدرتي على "الصبر والتحمل" بعدم ردي عليه في المرة الأولى .. ولم يدر المسكين أنني كنت أخاف أن أرد عليه حتى لا يختطفني ويذبحني وأنا عاجز ذو عكازين (أمزح ، لا أحد يصدق) ..وحين وصلت للبيت رفض السائق أن يأخذ أجرته سوى بعد إصرار مني ، لكنه رفض أن يحدد المبلغ راضياً بأن يأخذ مني أي شيء .. وكرّر على مسامعي بعد أن نزلت وقبل أن أغلق الباب : "انت ملاك" !
وكل مادار في خـَـلــَـدي وقتها : هذا قاعد يغازل ولا ايش !!!
وتذكرت وقتها تأثير "الإنصات" (وليس الاستماع) على نفسيات الناس إيجابياً ..
فسألت نفسي منهياً هذا اليوم الطويل : لو كان هذا هو تأثير الإنصات على الرجال ، فكيف بالنساء !!!

الأربعاء، 10 يونيو 2009

يوم في حياتي (2)

وجدت شخصاً أظنه من دول شرق آسيا التي تنتهي أسمائها بالحروف (ــتــان) قد سبقني إلى المسبح ..
استقبلني بـ "سلامات" و "ماتشوف شر" !!! ليجبرني على الرد بـ "ايس موسكلة سديق" و "بي ألم ؟؟"
وشرحنا لبعضنا عن إصاباتنا المختلفة ..
أخبرته قصتي على عجالة ، وكلــّي لهفة لأسمع قصته بعد أن رأيت جرحاً يمتد على طول ساقه كجبال تهامة على طول الحجاز !
أخبرني عن حادث ارتطام سيارة كفيله التي كان يقودها ، بسيارة قطع سائقها إشارة حمراء متوجهاً إلى بابه مباشرة ..
لم أتألم كثيراً لحاله ، فالظاهر أنه بدأ علاجه الطبيعي قبلي بفترة طويلة ..
وأكد لي هذه المعلومة بنفسه عندما علمت أنه يتعالج من إصابته منذ سنة وشهرين بالضبط !! (وأنا كرهت نفسي وكرهت المسبح وكرهت الكلور وكرهت جعفر اللي يجي يربط لي ركبتي في جهاز الكهرباء في شهر ونصف فقط) ..
استعجبت من قدرته على التحمل والصبر على العلاج .. وتعجبت أكثر من صبره عندما استغلّ كفيله وضعه الصحي ليمنع عنه الراتب وليتهمه بتدمير سيارته وبأن رخصته مزورة ، هذا إلى جانب بعض المتأخرات المالية من فترة ماقبل الحادث والتي رفض الكفيل أن يعطيه إياها بحجة أنه أتلف بضاعة تفوقها قيمة !!
لم يعطني كثيراً من التفاصيل ، ولكنه أخبرني أنه في لحظة من اللحظات وصل به اليأس لدرجة أنه أصبح يتجول بساقه المصابة في الشوارع بدون إقامة عمداً حتى تلقي قوة الجوازات القبض عليه ليتم ترحيله وينهي معاناته في بلدنا الحبيب ، بعد أن رفض الكفيل التنازل ، إلا بعد دفع قيمة ما تلف بالطبع !
وتم له ماكان ، وتم إلقاء القبض عليه .. ولكنه قفز عبر كل التفاصيل ليقول : "الحمدلله ، دابت فيه كويس .. هو معلوم أنا مزلوم ، هو خلي كبيل زيبو دليل ولا خلي أنا سابر"
الترجمة : "الحمدلله ، الضابط طلع كويس ، عرف إني مظلوم ، وألزم الكفيل ، يايجيب دليل على كلامه ولا يخليني أسافر"
ولم يكمل بعدها ولم يعلمني على حساب من يتلقى علاجه الآن !
ولم أشأ أن أفسد عليه لحظة صمته ونظرته السارحة في الأفق .. ربما لأنني كنت متأكداً أن خياله أخذه لبلاده ، ولعله الآن يتخيل نفسه في مزرعته .. ولعل خياله به أغنية فيها الكثير من الرقص والكثير من المطر وقليل من نظرات ..
ودّعت صديقي الآسيوي ونفسي "هافـّـتني" على تميس بسكوت وجبنة كاسة
وللحديث بقية

الثلاثاء، 9 يونيو 2009

يوم في حياتي (1)

استيقظت متأخراً يومها ..
كان يوماً كبقية أيام جدة الكئيبة المملة الرطبة ..
وزادت كآبتي لما تذكرت كمّ المشاوير الذي لديّ ، بين بنك ومستشفى ومول ووكالة نقليات وشغلانة مايعلم بيها إلا ربك !
واللي زادني طرب إن ماعندي سيارة ، لكن وش أسوي !!! ماهنن غير تكاسي .. واستعنت ع الشقا بالله ..

نزلت من بيتي حاملاً نفسي على عكازين ..
وحاملاً كيس كارفور (مو دعاية لكارفور) ومنشفتي الزرقاء وشورت سباحتي الأسود يظهران من شفافية الكيس داخله ..
أشرت لأول تاكسي بالوقوف ، وطلبت منه أن يأخذني للمستشفى الفلاني ، وعقلي يهيئني نفسياً لجلسات العلاج الطبيعي المؤلمة لركبتي المصابة بسبب كرة القدم اللعينة !
ولأن لي فترة لم أحلق ذقني ، ولأن هيئتي بالشورت "البرمودا" والفلينة اللي "مو مكوية" + عكازين وكيس فيه منشفة وشورت ، كان يوحي بفقر شديد ، أو أنني في طريقي للمستشفى عشان أجلس أشحت على بابها !
والأهم أنه كان يوحي بأي شيء سوى أن أكون سعودياً بالتأكيد ..
وهذا ما أعطى لسائق التاكسي العربي الأفريقي الفرصة أن يمارس علم الفراسة عليّ ، فيخمن هل أنا من الجزائر أم من الأردن الشقيق !!!
استغربت من فراسة الرجل التي راعت هيئتي ولم تراع لهجتي !!
المهم أنني بعد محاولات مستميتة للتأكيد بأني سعودي وهو يرفض ، اضطررت للاعتراف "زوراً" بأنني من بدو سيناء !!!
وهنا ... وهنا فقط ، بدأ الأفريقي يسب ويلعن في سلسفيل اللي جابوا السعوديين على أبو أشكالهم على أبو اللي يشتغل عندهم ! وكأنه ارتاح لاعترافي بأني غير سعودي فأخذ راحته !!
وبدأ يعدد مساويء السعوديين والسعوديات ابتداءً من اللي بيشرفوه في السيارة ونصبهم عليه وعدم سدادهم لمستحقات المشوار ، مروراً ببعض الشباب "السعوديين" الذين يشحذون السائق أن يوصلهم ببلاش أو بخمسة ريال ، وانتهاءً بسواقة السعوديين الرعناء عند وجود بنات في التاكسي وإجبار التاكسي على التوقف !

الحقيقة أن غضب حديثه ، وحقيقة أنني أحب أن أرى كيف يرانا الآخرون ألجمت لساني عن الدفاع عنا .. عن السعوديين أقصد وليس بدو سيناء ..
وانطلق الرجل يروي روايات عجيبة وغريبة ليس هذا المجال لذكرها عن أسوأ مافينا ومافي شعبنا وأرضنا .. وسواء كانت رواياته صحيحة أو ملفقة فقد استمعت إليها كاملة ودون مقاطعة ..
وفي نهاية الرحلة سألته وأنا أنقده ريالاته بزيادة (كنت أحاول أحسن الصورة بصراحة) لو وريتك بطاقتي السعودية تعفيني من الفلوس ؟؟؟
تردد الرجل في الإجابة ولسان حاله يقول : افرض طلع كلامه صح ، اخسر حق المشوار ؟؟؟ خليه ينحرق هو وجنسيته ، والله لو يكون مرّيخي حتى ! ولدهشتي رفض عرضي وكأنه رضي بنفسه حكماً ..
ومن شدة غيظي طلعت بطاقتي ووريته إياها ، أطال الوقت مقلباً النظر بيني وبين بطاقتي وكأنه ينتظرني أن أقول : معاك الكاميرا الخفية ، عاوز نزيع ، نزيع !! ثم ابتسم وأعادها لي وقال : أنا آسف !!!!
قلت في نفسي : اشبي بلطشك الحين على اللي قلته ؟؟ انت ماقلت شي غير وانت متيقن منه من كثر ماجاك !!

دخلت المستشفى وبدأت علاجي الطبيعي في المسبح الدافئ
واللي صار في المسبح كان شي عجيب !
وللحديث بقية

آخر يوم في حياتك

لو استيقظت صباح أحد الأيام وعلمت أن اليوم هو آخر أيام حياتك ، وأنه بنهاية هذا اليوم لن تشرق عليك شمس من جديد! لن أسألك عن شعورك حينها ، ولكن سأسألك ماذا ستفعل ؟؟ هل ستسامح وتتسامح من الكل ؟؟ أم أن الوقت لا يسمح ، ومساحة الكبرياء والغضب والانكسار لا تسمح ؟؟
هل ستفعل كل ماحلمت أن تفعله ولم تفعله لسبب ما ؟؟ من تصريح بحبّ ، أو تسلق للجبال ، أو ركوب للأمواج أو قفز من الطائرة أو استقالة من عمل ممل أو سفر مفاجئ أو تجربة شيء جديد أو تقبيل لقدميْ والدتك ؟؟ أم أن التفكير في ضيق القبر سيستولي على تفكيرك ؟؟
هل ستتنازل عن كبريائك وتحفظك وطبعك الصلد لترضي شريك حياتك الذي طالما لمّح وصرّح بحاجته لشيء معنوي أو جسدي منك ، وكان كبريائك وطبعك يمنعك من تنفيذ رغباته بحجة ألا يسيطر علينا الطرف الآخر وألا نكون لقمة سائغة له وأن نحافظ على صورتنا القوية أمامه وأن (الثقل صنعة) ؟؟ أم أن يومك الأخير سيشهد خضوعك وتنازلك لشريك حياتك وسيشهد اندماجكما الأقرب والأصدق .... والأخير؟؟
هل ستخبر زوجتك وابنتك وأباك وأمك بأنك تحبهم ، أم أن طبعك القاسي الصامت سيرافقك للنهاية ؟؟
هل ستقضي يومك في الصلاة وقراءة القرآن أم في مساعدة مسلم وقضاء حاجته ؟؟ ما أعلمه أنه بصلاتك وتلاوتك للقرآن تزيد حسناتك بإذن الله ، وبمساعدتك لمسلم تزيد حسناتك بمساعدتك له وكلما دعا لك ولو بعد موتك بإذن الله.
هل ستغير شيئاً من مبادئك المتزمتة التي لم يكن ليضيرك أن تغيرها إرضاءً لحبيب أو صديق أو قريب ، والتي لم تكن بتغييرها تخالف دينك ؟؟ أم أن بعض العادات والتقاليد البالية والتي تخالف حتى صريح ماكان يفعله أو يقوله أو يقرّه رسول الله صلى الله عليه وسلم ستظل محكمة قبضتها حول عنقك حتى الموت ؟؟
هل ستختلف نظرتك للأطفال المشردين عند إشارات المرور ؟؟
هل ستختلف نظرتك لجنسيات شرق آسيا وخاصة منظفي الشوارع منهم ؟؟
هل سترى ظهر الإمام للمرة الأولى بوقوفك خلفه في الصلاة ؟؟
هل يكون يومك الأخير هو أرقى أيام حياتك وأول يوم تكون كل ممارساتك فيه جديدة ؟؟
هل سيشهد يومك الأخير تغلب التطبع على الطبع ، ولأول مرة في حياتك ؟؟

همسة : متى كانت آخر مرة جربت فيها شيئاً جديداً لم تفعله من قبل ؟؟
اقتراحات :
1 - اطلب من إمام مسجد الحي أو المؤذن أن يسمحوا لك بالأذان في فرض الصلاة المقبل ، استمتع بشعورك وصوتك يصدح في الآفاق .. تغلب على خوفك وحاول.
2- تناولي أدوات التنظيف وتوجهي للحمام - أعزكم الله - وقومي بتنظيفه ، لتشعري بشعور الخادمة ، ولتكسري شيئاً من كبر قد يكون في صدرك ، وهذا مافعله عمر بن الخطاب رضي الله عنه حينما أحس بشيء من كبر في صدره بأنه أمير المؤمنين.
3- أرسل رسالة نصية لأمك تحوي كلمتين فقط "أحبك يا أمي" . وبقدر ما تتوقع تعليقات مضحكة أو نظرات مستريبة ، بقدر ماستكون ذكرى جميلة وإحساس جميل تعيشه ، وإحساس أجمل تهبه لأمك.
4- اغسل سيارتك بنفسك.
5- اخرجي إلى السوق دون رسم عينيك المعتاد أو تبرجك المعتاد أو عبايتك الضيقة أو مشيتك المتبخترة. جربي البساطة ولو لمرة واحدة ، وقارني .. لا تقارني نظرات الناس فليس هذا بمهم ، قارني بين ذاتك القديمة وذاتك الجديدة ، وبين شعور وشعور ، واسألي نفسك هل هناك مايستحق عدم التغيير !
6- توجه لجارك ، اطرق الباب .. واجلس معاه لدقائق .. اسأله عن أحواله وتفقد إن كان يحتاج شيئاً ، وأعطه من طعامك ، ولا تنسى وصية رسول الله للجار.
7- امسحي رأس طفل مسكين في الشارع.
8- اعتمر عن أحد أقاربك أو أصدقائك المتوفين ، وتصدق عنه.
9- قم الليل ولو بركعة واحدة ، ولو بعد صلاة العشاء مباشرة.
10- اختر أحد عاداتك السيئة ، وقرر ألا تفعله اليوم فقط على سبيل التجربة.
هذه الاقتراحات ليست محددة بذاتها ، وإنما طرقت تفكيري أثناء كتابة المقال. افعل شيئاً جديداً في حياتك و عش شعوراً جديداً.
وصدقني .. الشعور بالأشياء الجديدة يجدد روحك ويجدد حياتك ، ويفتح لعقلك آفاقاً من فهم الحياة وفهم الآخرين كبير.
فلا تضيع على نفسك فرصة التجديد ولو بشيء بسيط ، وابدأ الآن باختيار اسم عشوائي من جوالك لم تهاتفه منذ زمن (كبداية) .. اتصل وسلم واسأل عن الأحوال ، وبقدر حرجك من الاتصال بعد طول غياب ، بقدر ماستكون ذكرى طيبة في نفس متلقي الاتصال ، وبقدر ماسيكون هناك تجديد في حياتك وقوة أكبر للتغيير.
الآن وبعد التجربة الأولى ، ابدأ بأحب الناس إلى قلبك ..
وبأسوأ مافيك ..
وبأكبر مخاوفك ..
وتصرف وكأنه آخر يوم في حياتك ..

الاثنين، 8 يونيو 2009

انجليزي دي يامـُـرسي !!

"كفشت" نفسي متلبساً غير مرة في معرض حديثي أتكلم بمصطلحات إنجليزية من باب تخفيف حدة وطء الكلمة العربية على الأسماع! أو لأنني لم أجد كلمة عربية أو حتى محلية مناسبة تقال!! أو لأنني أستعرض ما أحفظه من كلمات إنجليزية!!!
وغالباً ماأجدني مع الناس أستخدم تلك المصطلحات عند الحديث "في الغالب" عن الجنس أو عند وصف أعضاء جسدية حساسة أو عند بدايات ونهايات مكالمات الجوال!!
ولا يظنن أحد أنني أقضي وقتي في الحديث عن الجنس وحواشيه ، ولا يظنن أحد أنني فلتة في الإنجليزي ، ولهذا وجب التوضيح. ومرات أجدني أستخدمها في أمور أخرى كتابياً أو شفهياً للتعبير عن الشكر والامتنان والحزن والضحك والحكمة وأمور أخرى.

وعلى سبيل المثال في حالة الشكر لا أدري لماذا يتم استخدام كلمتي ثانكس وميغسي (بحرف الغين وليس الراء) بكثرة !!! ولا أدري لماذا يهز الناس رأسهم "بحكمة" في نهاية جملة ما ويقولون : آي سي (I see) يعني أنا فاهم قصدك ومعاك على الخط. (يمكن عشان أقصر وتوحي فعلاً بالحكمة!) ولا أدري لماذا يستخدم الناس - وأنا معهم - الكلمات الإنجليزية أو الأجنبية عموماً في حديثهم؟؟؟

هل هي واجهة اجتماعية ضرورية تعطي هيبة إضافية على سيرتك الذاتية الشخصية في أذهان الناس مما يجعلهم يحترمونك ويقدرونك أكثر ؟؟؟؟ هل هي فرصة لإضاءة بعد آخر في تقدير الآخرين لك و"إظلام" جوانب أخرى فيك لا ترغب في أن يراها أحد ؟؟ هل هي واجهة سطحية لترضي غرورك الشخصي وتوهم الناس بثقافتك المتعددة للغات ؟؟؟ هل يقل الحرج أو تقل حدة وطء الكلمات عند التحدث عن أمور حساسة كالجنس مثلاً بلغة أخرى ؟؟ لأنني كثيراً ما أجد أناساً ، بمجرد أن يصلوا في حديثهم لعضو تناسلي أو عملية تناسلية "جنسية عفواً" ينقلب لسانهم بأعجوبة لأقرب لغة يعرفها وينطق الكلمة الأجنبية ، ثم يعود للعربية الجميلة ويكمل حديثه !!! وكأن مجرد نطقه للكلمة أو الجملة بالأجنبية أزال الحرج من نفوس المستمعين وأزال حملاً من على كاهل المتحدث وفتح آفاقاً أوسع لتفهمهم ومتابعتهم الحديث!!

حقيقة ، لست أجدها مشكلة تستحق الالتفات إليها ، ولكن أحببت مشاركتكم فيما أفكر فيه. ولاتنكروا أنكم في كثير من المرات خاطبتم أنفسكم عند تحدث أحدهم أمامكم بلغة أخرى قائلين : "قام يتفلت ويسوي فيها إنه يتكلم عنجليزي" !!
من الجميل أن ننمق كلماتنا ونراعي أذن السامع ولو بلغة أخرى ، لكن الأجمل أن نبحث في لغتنا عن كلمات تشرح ماننوي قوله بدل استخدام لغات أخرى. ومن اليوم ورايح بدل ما ألعن وأسب بالإنجليزي ، راح أقول : تباً لك ... اذهب إلى الجحيم أيها اللعين!
وهذه بداية لكل من لم يعجبه مقالي

الوقت الميت

من الأمور الملاحظة في معظم دول العالم - إن لم يكن كلها - هو أن وقت مابين صلاتي الظهر والعصر ، أو الوقت مابين الواحدة ظهراً والثالثة والنصف عصراً هو وقت حيوي. بمعنى أن جميع المرافق والمصالح تكون في هذه الأوقات متاحة ومتوفرة للجمهور. بعكس الوضع في مملكتنا الحبيبة ، فلا تجد أي مرافق مفتوحة سوى أبواب المدارس وأبواب المطاعم!! أما المحلات التجارية والحلاقين والسباكين والنجارين والخياطين والمولات التجارية والمقاهي والمكتبات فكلها مغلقة وكأن هذا الوقت هو وقت إجباري للراحة والإغلاق!!!
لماذا هذا الوقت ميت عندنا ؟؟؟ لماذا لا يتم تفعيل هذا الوقت بصورة صحيحة ؟؟؟ وحتى نزن الأمور بميزان عادل ، فلنحدد إيجابيات وسلبيات هذا الموضوع.

من إيجابياته :
1- أن أصحاب دوام الشفتات سيجدون وقتاً للتبضع وقضاء مصالحهم الشخصية في ذاك الوقت.
2- فتح مجالات عمل كثيرة ومتنوعة لشريحة كبيرة من العاطلين ، حيث سيتبع ذلك تعيين أشخاص جدد تبعاً للشفت الجديد ، أو زيادة مرتبات بعض الوظائف المتدنية الرواتب (وكلا الأمرين إيجابيين).
3- (قد) يكون سبباً في بدء التعيين بنظام الساعة في المقاهي والمحلات التجارية ، وهذا النظام مفيد للطلبة وذوي الدخل المحدود ، ومفيد لأصحاب التجارات المختلفة لأنه لا يلزم بتأمين طبي ولا تأمينات اجتماعية لهذه الفئة.
4- التخفيف من زحام المدن الكبيرة في أوقات مابين الخامسة عصراً والتاسعة مساءاً بسبب خروج الكل لقضاء مصالحهم.
5- يعلم الناس كيفية استغلال الأوقات.
وقد يجد بعضكم إيجابيات أكثر من هذه ، ولكن هذه بعضها.

أما سلبياتها :
1- قد تكون صعبة لأصحاب الأعمال الخاصة أو من يديرون محلاتهم أو تجارتهم بأنفسهم في السيطرة على أعمالهم أو على إحراز تنافس مرضي في مجالهم.
2- قد تكون مرهقة مادياً لأصحاب المحلات التجارية في تعيين أشخاص جدد لوقت العمل الجديد ، إلى جانب زيادة مصاريف الكهرباء وخلافه.
3- قد تسبب زحام غير طبيعي ، خاصة في المدن الكبرى ، بسبب أوقات الخروج من المدارس والأعمال. والزحمة الموجودة كفاية بصراحة!!
4- عبء كبير على شركة الكهرباء في صيف السعودية الحار ، وكفاية إن شركة الكهرباء مو قادرة تجمّل مع البيوت ، فمو ضروري نفشلهم في المحلات والمولات إلخ!! ومو ناقصة قطع كهرباء!! وقد يجد بعضكم سلبيات أكثر ، ولكن ...

بغضّ النظر عن السلبيات والإيجابيات ، فهذا قرار فردي (بالنسبة لغير المحلات في المولات التجارية) ونصيحتي الشخصية لمن أراد المنافسة في مجال تجارته أو صنعته: كن متوفراً للعميل في كل وقت ، وسيأتيك العميل في كل وقت
ومن وجهة نظري كزبون ، لو وجدت ضالتي في وقت عصيب كوقت مابين الظهر والعصر ، فسأحترم صاحب ضالتي ، وقد أتحول من زبون ضال لزبون دائم ، لأنه احترمني كزبون وحيد في وقت ميت ، فسأحترمه كصاحب تجارة أو صنعة في كل الأوقات.
قد يقل الزبائن في هذا الوقت ، ولكن في أعماق العميل سيحترم صاحب هذه التجارة أو هذه الصنعة ، وسيوجهه عقله الباطن والواعي لنفس المكان في المرات اللاحقة لأنه يعلم بوجوده دائماً في الخدمة.... وخاصة في الوقت الميت.

كيف تستغل توقيعك ؟؟

إيميلات كثيرة تصلني يومياً ، وأعرف بعض الأشخاص الذين يتنافسون في "كمّ" مايرسلونه يومياً لي ، بغضّ النظر عن غثه من سمينه!وعلى قدر تحذيري للكثيرين بأن يتوقفوا عن إرسال إيميلات ذات محتوى ديني لي دون التيقن من صحة محتواها ، إلا أنني وللأسف الشديد أجد بعضهم مازال مستمراً بالإرسال!! رافضاً الانصياع لرغبتي ورافضاً إعطاء فرصة لعقله وثقافته وغيرته على دينه من أن يتيقن من أي محتوى ديني قبل إعادة إرساله للآخرين.

والتأكد من المحتويات الدينية ، وخاصة الأحاديث الكثيرة المنتشرة في الإيميلات ليس صعباً ، ولا يأخذ وقتاً أو جهداً. يكفي أن تدخل على أحد المواقع الدينية المعتبرة للتأكد من صحة الحديث ، مثل موقع الرئاسة العامة للبحوث العلمية والإفتاء:http://www.alifta.com/default.aspx أو موقع الدرر السنية (وهو الذي أستخدمه شخصياً): http://www.dorar.net/

وبالنسبة لموقع الدرر السنية ، ببساطة بعد دخولك للموقع ، اذهب لقسم الحديث وأدخل كلمة للبحث عن الحديث الذي وصلك في بريدك الالكتروني. أي كلمة أو أكثر ، عن الحديث الذي وصلك ستكون كافية للبحث. ستظهر لك نتائج توضح درجة الحديث ، أو لن تظهر نتائج .. بمعنى أن الحديث غير موجود أصلاً وتم تأليفه قريباً لدرجة أنه لم يصنف! ولكن لزيادة التأكيد ابحث عدة مرات ، فلعلك أخطأت في طريقة البحث ، أو اخترت كلمة غير مناسبة للبحث.
إذا كان الحديث صحيحاً فأرسل ولك أجر النشر إن شاءالله ، وإن لم يكن صحيحاً فلا ترسل ولك بإذن الله أجر نصرة رسول الله عن طريق الذب عن سنته وأحاديثه وعدم الترويج للمكذوب منها.
أما إذا مافيك حيل تدور ، فهذا يعود إليك .... لكن ببساطة لا ترسل الإيميل! فكما من حقك ألا ترهق نفسك بعناء البحث ، فمن حق نبيك عليك ومن حق دينك عليك أن يكون لديك قليل من غيرة وقليل من شك بأنه قد يكون غير صحيح!
لا تقل : "أرسله وغيري يبحث عن صحته" فهذه الاتكالية هي التي أخرتنا عن أمم كثيرة أخذت زمام المبادرة ، ونحن مانزال نلقي بالمسؤولية عن عواتقنا على عواتق بعضنا. فلنقفز خطوة للأمام على طريق وعينا ، ولنحمل المسؤولية ولو في شيء بسيط. وإن كنت تريد نصرة نبيك ، فاتبع سنته وذبّ عنها بحجبك لكل مكذوب عن رسول الله صلى الله عليه وسلم.

الموضوع مهم وضروري وليس بالبساطة التي تتخيلونها ، واقرأ الحديثين التاليين لتعرف مدى جدية الموضوع:
عن علي بن أبي طالب رضي الله عنه ، عن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال : "من حدث عني حديثاً وهو يرى أنه كذب فهو أحد الكاذبين" صحيح ابن ماجه/ص36.
وعن المغيرة بن شعبة رضي الله عنه قال : سمعت النبي صلى الله عليه وسلم يقول : "إن كذباً علي ليس ككذب على أحد ، من كذب علي متعمداً فليتبوأ مقعده من النار" الجامع الصحيح/1291.
بعد هذين الحديثين ، أدلك على طريقة تستغل بها التوقيع الالكتروني في إيميلك. فمن مزايا هذا التوقيع أنه يظهر تلقائياً في كل إيميل جديد ترسله أو تعيد إرساله. يكفي أن تكتب في توقيعك نوعية الإيميلات التي لا تريد إرسالها إلا بعد التأكد منها ، أو يكفي أن تكتب الإجراءات التي تود القيام بها قبل إعادة الإرسال.
مثال : "اذهب لموقع الدرر السنية للتأكد من صحة الحديث" أو "هل تأكدت من صحة الحديث الوارد؟"
فيكفي أن تقرأ العبارة ليتوقف اصبعك عند زر الإرسال ، فتتذكر ماتود فعله من إجراءات وقائية قبل الإرسال.
ولتعميم الأمر أكثر على إيميلات غير دينية اكتب في توقيعك : "هل تأكدت من صدق محتوى الرسالة ؟؟ هل هو شيء مفيد لغيري فأرسله؟؟؟ هل بإرساله سأضيف بعض الحسنات إلى رصيدي أم بعض السيئات؟؟"
بعد قراءتك للأسئلة في كل مرة تريد إرسال إيميل معين ، جاوب نفسك ... فإذا كنت متأكداً من صدق محتويات الرسالة وستفيد غيرك به (ولو بابتسامة) وستضيف بعض الحسنات لرصيدك ، فاضغط زر الإرسال وجزاك الله كل خير، وإلا فلا.
واستغل كل الإمكانات المتاحة لتساعدك في خدمة دينك ، وتذكر : أنت لست مجبراً على إرسال رسالة لست متأكداً من محتواها ، ولكنك مجبر على احترام دينك ونبيك وعقلك. فلاتكن مثل الكثيرين الذين فقدوا مصداقيتهم لدي ، فأصبحت أحذف إيميلاتهم دون أن أقرأها.
والله من وراء القصد