الثلاثاء، 8 سبتمبر 2009

تأملات رمضانية

لاحظت بعض التصرفات الرمضانية من أئمة وخطباء ، ومن عوام الناس ، والتي أجدها لا توافق كتاباً ولا سنة ولا حتى منطقاً !!
فمن بعض المخالفات الصريحة في بعض العبادات ، إلى بعض الخروج عن المنطق ، إلى الاهتمام ببعض المندوب إليه وترك السنة ! وهي ملاحظات متفرقة جمعتها من الملاحظة الشخصية أو من قراءات ومشاهدات متفرقة .

وأول ما أبدأ فيه هو مسألة الدعاء ، وذلك ببعض تصرفات أئمة التراويح أو خطباء الجمع ؛ إلى جانب تصرفات بعض المأمومين !!
وأول مسائل الدعاء هي مسألة رفع الصوت بالدعاء من الأئمة ، ورفع صوت البكاء من الأئمة والمأمومين . والله سبحانه وتعالى يقول في محكم التنزيل : (ادعوا ربكم تضرعاً وخفية إنه لا يحب المعتدين) ؛ إذاً رفع الصوت من التعدي في الدعاء .
ونحن لسنا أفضل من نبي الله زكريا - عليه السلام - ، فقد قال تعالى : (إذ نادى ربه نداء خفياً) . وفي الصحيحين عن أبي موسى الأشعري - رضي الله عنه - قال : رفع الناس أصواتهم بالدعاء ، فقال رسول الله - صلى الله عليه وسلم - : " أيها الناس ، اربعوا على أنفسكم ؛ فإنكم لا تدعون أصم ولا غائباً ، إن الذي تدعونه سميع قريب" . وعن بعض السلف قال : يكره رفع الصوت والنداء والصياح في الدعاء !!
وتجنباً للإطالة في سرد الأدلة على مكروهية رفع الصوت بالدعاء والبكاء أكتفي بهذا القدر ..
فأين الأئمة والمأمومين من هذا الخلق النبوي الكريم ؟ فتجدهم يزعجون المصلين بتكلفهم بصياحهم ونياحهم وبكائهم بما يقطع خلوة المصلي بربه وتدبره للدعاء أو القراءة .

ومما يتعلق بمسألة الدعاء ، أن بعض الأدعية غير منطقي على الإطلاق !! بل تخالف شرع الله وسننه الكونية الثابتة التي لا تتغير !! ومن ذاك قول أئمة خطباء الجمعة - في الغالب - الدعاء التالي : اللهم أبرم لأمة الإسلام أمر رشدٍ يُعز فيه أهل طاعتك ، ويُذل فيه أهل معصيتك !!! هل شرع الله هذا الدين ليـُـذل فيه أهل المعصية ولندعو عليهم ، أم لندعوهم بالحكمة والموعظة الحسنة ؟؟؟ فقد ثبت عن كثير من أصحاب رسول الله أنهم أذنبوا ذنوباً وتابوا عنها ، بل بعضهم أذنب كبائر الذنوب كالتولي يوم الزحف ، وتابوا فتاب الله عليهم ، ولم يـُـذلوا . غير أن سنة الله في الكون أن يذنب الناس فيستغفرون ربهم فيغفر لهم . قال - صلى الله عليه وسلم - : "لو لم تذنبوا لذهب الله بكم ، ولجاء بقوم يذنبون ، فيستغفرون الله ، فيغفر لهم" صحيح مسلم/2749 .

كما أن من الأدعية غير المنطقية ، الدعاء على غير المسلمين بالهلاك والدمار وزلزلة الأرض من تحت أقدامهم وقطع نسلهم .... وهذا دعاء غير منطقي وغير ممكن الحدوث لأنه ببساطة يخالف سنن الله الكونية ببقاء الكفار إلى قيام الساعة وقيام الساعة على شرار الخلق ، وأن غير المسلمين يتآمرون على المسلمين ، وأن اليهود يتبعون الدجال ، وأن حرباً تكون بيننا وبين غيرنا في نهاية الزمان ... إلخ . فكيف ندعو الله بما لن يكون !!! بل مايثير ضحكي وعطفي على الناس (لأنه بحسن نية) أن المأمومين إذا وصل الدعاء إلى هذا الجزء تجدهم يؤمـّـنون (يقولون آمين) بقوة قلب !!! وهذا من جهة أخرى يعتبر تعدي في الدعاء ، لأننا لم نؤمر بالدعاء على كل أهل الكتاب ، بل على المحاربين منهم فقط .. أما النساء والأطفال وغير المحاربين فلم نؤمر بالدعاء عليهم ، بل أمرنا ببرهم والعدل معهم ، قال تعالى : (لا ينهاكم الله عن الذين لم يقاتلوكم في الدين ولم يخرجوكم من دياركم أن تبروهم وتقسطوا إليهم) .. والرسول لم يدعُ على دوس ، بل قال : اللهم اهدِ دوساً وائتِ بهم أجمعين .. ومثل هذا من دعا على كل الدنماركيين بسبب كاريكتير رسمه شخص واحد فقط !!! فكيف يُؤخذ شعب كامل بذنب شخص واحد !! قال تعالى : (ولا تزر وازرة وزر أخرى) .

وآخر مسائل الدعاء التي تحضرني ، هي مسألة إطالة الأئمة في الدعاء ، وخاصة في ليلة السابع والعشرين من رمضان ، مع أنها بالإجماع ليست شرطاً أن تكون ليلة القدر ! فتجد ركعة الوتر بالإضافة لدعائها تصل لساعة أو تزيد .. ماهذا التنطع ؟؟؟ وهل أمرنا رسول الله بذلك ؟؟ إلى جانب التكلف في الدعاء والاهتمام بالسجع أكثر من الاهتمام بمحتوى الدعاء ، وترك أدعية رسول الله الواردة والثابتة والمجملة والمفضلة ، والعدول إلى غيرها من الأدعية المفصلة تفصيلاً سمجاً مطوّلاً مملاً يجعل المأموم يتململ في وقفته ويفقد تركيزه ، ويجعل الدعاء يفقد معناه ..
من أراد أن يطيل فليطـِـل في صلاته المنفردة ولا يفتن الناس . ففي الحديث أن معاذ بن جبل - رضي الله عنه - كان يصلي مع النبي - صلى الله عليه وسلم - ثم يأتي قومه فيصلي بهم الصلاة ، فقرأ بهم البقرة ، قال : فتجوز رجل فصلى صلاة خفيفة ، فبلغ ذلك معاذاً فقال : إنه منافق ، فبلغ ذلك الرجل ، فأتى النبي - صلى الله عليه وسلم - فقال : يا رسول الله ، إنا قوم نعمل بأيدينا ، ونسقي بنواضحنا ، وإن معاذاً صلى بنا البارحة ، فقرأ البقرة ، فتجوزت ، فزعم أني منافق ، فقال النبي - صلى الله عليه وسلم - : ( يا معاذ ، أفتان أنت - ثلاثاً - اقرأ : { والشمس وضحاها } . و { سبح اسم ربك الأعلى } ونحوها . البخاري/6106 .
فإذا كانت الصلاة - وهي أولى وآكد من الدعاء - الإطالة فيها تعتبر فتنة ، فكيف بالدعاء !!! ورسول الله لم يكن يطيل سوى في صلاته المنفردة ، ويخفف إذا أمّ القوم .

وساءني كثيراً أحد أئمة المساجد المشهورين بحلاوة وعذوبة الصوت في مدينة جدة ، حين جائته ملاحظة في ورقة أنك تطيل علينا في القيام فلا نكاد نتسحر !! ومثلها ملاحظة أخرى ، أنك تطيل ونحن كبار في السن .. فساءني رده الذي سمعته بنفسي حين قال في مكبرات الصوت على ملأ المسجد : (المساجد كثيرة وبعض الناس يحب الإطالة ، ومن أراد التخفيف فليغير المسجد !!!!)
هو قالها (والشهادة لله) بأدب وبأسلوب مهذب ، ولكن هل هذا رد العارف بالله ، العارف بسنن رسول الله ؟؟ هل لأنني أحب أن أستمع لصوتك ترد عليّ ردّاً جافاً ؟؟ ثم افرض أنني من جيران المسجد ، أو لا أملك سيارة ، فهل تجبرني على البُعد وبجانبي مسجد قريب يرفض إمامه أن يخفف صلاة ليست مفروضة !!!!

وسؤال يسأله الناس لبعضهم في رمضان ، وهو سؤال ليس مخالفة بقدر ماهو ترك لما هو أولى ، ألا وهو : كم قرأت ؟ كم ختمت ؟ كم ختمة ناوي تختم ؟؟ وين وصلت ؟؟
يقول ابن مسعود - رضي الله عنه - : لا يكن همّ أحدكم آخر السورة .
ورسول الهدى - صلوات ربي وسلامه عليه - كان يدارسه جبريل - عليه سلام - القرآن مرة واحدة في رمضان ، إلا سنة وفاته دارسه مرتين .... هل تعلمون ماذا يعني يدارسه القرآن ؟؟؟ يعني بتدبر وتفكر وقراءة ومراجعة ووقوف على المعاني وخلافه ، وهذا مالا نفعله نحن بقراءتنا المتعجلة بلا تدبر ولا تفكر .. أفنحن أهدى من رسول الله فنختم أكثر من ختمة في رمضان ؟؟؟ ومافائدة الختمة إن كانت بلا تدبر ؟؟ ومافائدة القراءة إن لم تؤثر فينا وتقر في قلوبنا ؟؟

ومن المستغرب أن تجد الشخص يحرص على صلاة التراويح جماعة بينما الصلاة المفروضة يصليها في البيت !! ولن أتحدث عن الذين ينامون عن الصلوات أصلاً ولا يقضونها كذلك !

اللهم أرنا الحق حقاً وارزقنا اتباعه ..
وأرنا الباطل باطلاً وارزقنا اجتنابه ..
إن أخطأت فمن نفسي والشيطان ، وإن أصبت فمن الله وحده ..

هناك 8 تعليقات:

  1. وانا معك اخوي هشام لكن المشكله ان فيه فجوة كبيرة بين بعض الأمة جزاهم الله خير واصحاب التفكير السليم والمنطقي من شبابنا مثلك اخوي هشام (علمـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــانــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــي)
    ياريت نسمع لبعض ناخذ ونعطي بلاش العناد والتعصب لآرائنا اللي تحتمل الصواب والخطأ
    وش فيها لو تجاوب أمام مسجدكم لرغبة المصلين ليش ما فكر في انه لو خفف عليهم بيحبب الناس في المسجد وفي الصلاه ويمكن اللي ما كان يصلي أو يصلي بعضها ممكن يصليها كلها
    وحتى لو كان رده مهذب فهو كأنه يقول اللي مو عاجبه يروح يدور له مسجد ثاني يعني ينفر الناس عن بيت من بيوت الله

    ردحذف
  2. أخوي كاسبر ، كلامك صحيح وحصل معايا شخصياً ، فبعد ماكنت أصلي عنده يومياً وكل رمضان ، بطلت أروح له إلا نادراً !!

    غير بعض الناس اللي أعرفهم ، في العشر الأواخر مايكملون معاه عشان يلحقون السحور !! واللي يكملون مايكونون مركزين بسبب تفكيرهم في السحور وهل بيلحقون والا لأ !! يعني اللي كمل ما استفاد واللي راح ما استفاد ، والفائدة الأساسية من التراويح والقيام تكاد تكون معدومة !!

    يعطيك العافية

    ردحذف
  3. يا سلام عليك يا هشام وانا لو ما اني متاكد من

    خلفيتك الدينية لقلت هذا يبي يخرب الدين

    ههههههه

    بصراحة سبب نعت بعض الناس بالعلماني او او او الخ

    هو اعتقادهم بان الطرف الاخر غير مدرك للدين

    مثل ما هم مدركين له ولانه غير مربي لحية او ماهو

    مقصر الثوب بالرغم من انه يمكن ان يكون مطلع اكثر

    منه في الدين لكن هذا ما وجدنا عليه ابائنا و

    اجدادنا وخصوصا لو كان الولد شباب ويتكلم في الشئ

    الصحيح تلقاهم على طول يسكروا عليه ويقولون

    انه جاهل لكن لا حياة لمن تنادي

    اخوك / نايف

    ردحذف
  4. والله يا نايف بعض الأئمة فاهم الإمامة غلط !
    يعني آخرها أئمة مساجد في الشرقية قبل كم أسبوع (الخبر في الجرايد) اتفقوا مع بعض إنهم يطردون أي شاب كدش !!! وكأن المسجد مسجد أبوهم ، وكأن وزارة الأوقاف وضعتهم للتدقيق على مظهر المصلين وليس لإمامتهم ! ونسوا أن وفد النصارى النجراني لما قدم على رسول الله - صلى الله عليه وسلم - أقاموا شعائرهم في المسجد !!! يعني النصارى أولى من الكدش ؟؟؟ طيب اكسب الشباب وحببهم في المسجد بدل ما تطردهم ! هل على بالك الشباب بيحبون المطوعين أو بيحبون المسجد أو بيحبون الصلاة بهذا الأسلوب ؟؟؟

    وإمام آخر بعد تأخره عن صلاة العصر لأكثر من نصف ساعة ، وقد تكرر الأمر منه كذا مرة ، أقام أحدهم الصلاة ، في أثناء الصلاة فاجأ الإمام الكل بدخوله المسجد وقطعه الصلاة !!! لدرجة إنه تضارب مع اللي صلى بالناس وهو يقول : مين سمح لك تصلي بهم ؟؟؟؟
    ونسي يسأل نفسه : مين سمح لك تتأخر وتكررها ؟؟ وهل نحن عبيد عندك عشان ننتظر حضرتك تجي بعد نص ساعة من الأذان ؟؟؟

    وهذه النوعية من الأئمة أقل مايحتاجونه دورات في فن الدعوة ، وفن التعامل مع الناس ، وفن الخطابة ، إلى جانب دورات مكثفة في الفقه .. فلا يكفي الإمام أن يكون حافظاً لجزء أو جزأين من كتاب الله ، فالإمامة أكبر من ذلك بكثير ..

    والله من وراء القصد

    ردحذف
  5. والله يا هشام اذا الولد الكدش ما استحى من الله

    واللي لابس طيحيني كيف يركع وكيف يسجد في مكان

    لابد ان تستحضر فيه القدسية وانك في لقاء مهم

    بكثير عن اي لقاء اخر وهو لقاء ربك انا متاكد

    ان الكدش هذا لو كان بيقدم لوظيفية كان على الاقل

    غطى الكدش ولبس شئ زين فما بالك هذا ما استحى من

    ربه فكيف يستحي منه الامام انا لست ضد النصح

    والارشاد بالهون ولست مع احضار دورية للموقع

    لكن كان الاولى ان يطردوه من المسجد ويمنعوه عن

    ادائها في المسجد حفاظا على قدسية المكان

    هذا راي والله اعلم

    اخوك / نايف

    ردحذف
  6. عزيزي نايف .. انت تقول لو طردوه من المسجد كان أولى ، وهذا هو اللي صار فعلاً .. طردوا الشباب من المسجد .. في الوقت اللي النصح والإرشاد هو الأولى ..

    الأعرابي بال - أعزكم الله - في المسجد ، فنصحه رسول الله بأدب وحنان ، ولم يطرده ولم يعنفه ..

    وإذا مظهر الكدش أو طيحني مو مناسب لقدسية المكان فعلى أي أساس حكمنا ؟؟؟ الأساس يانايف هو ستر العورة وليس تسريح الشعر أو التطيب أو لبس الثوب ! وونحن أمة تمشي على أساس وليس على عاطفة أو على مزاج ناس مو عاجبهم منظر الكدش يقوم يطردهم من بيت الله !! مين سمح لهم يطردوهم وبأي سلطة وبأي دين طردوهم وايش دليلهم ؟؟ قال تعالى : (ومن أظلم ممن منع مساجد الله أن يذكر فيها اسمه)

    وطيحني ولو كان مبين الملابس الداخلية لكن تظل العورة لم تظهر ، ومادامت لم تظهر إذاً الصلاة صحيحة بإذن الله لأن شرط ستر العورة صحيح وإن لم يعجب أحداً وإن قال الناس هذا ليس من عاداتنا .. لأن الأصل في الأشياء الحـِـل مالم يرد فيها دليل ، ومادام الأمر مقتصر على مظهر اجتماعي وليس مظهر ديني فليس من حق أحد أن يمنع الناس من الصلاة !

    وإذا كنا حنطرد كل اللي مظهره مايناسب قدسية المكان ، فالمفروض نطرد اللي لابسين جلابيات أو ثياب النوم ، واللي لابسين شورتات تحت الركبة ، واللي لابسين ملابس كورة وعرقانين فيها بعد مباراة طويلة ، والمفروض نطرد عمال النظافة وعمال البناء والكهربائيين والنجاريين والمدخنين لأن روائحهم وهيئاتهم لا تناسب قدسية المكان !!!! هل هذا قياس صحيح وشرعي يانايف ؟؟ مستحيل طبعاً .. والأصل كما ذكرت لك هو ستر العورة ..
    وإذا كان المظهر مو شرعي أو يخالف آداب عامة فالأولى هو النصيحة وليس الطرد أو الإبعاد أو طلب دورية .. والله تعالى أعلى وأعلم

    ردحذف
  7. خالف تعرف !!!! حرام عليكي ، حطمتيني :(
    الله يبعدنا عن الجدال ويرزقنا الصواب والإخلاص في القول والعمل ..

    تسلمي لي ياغالية على مرورك العطر :)

    ردحذف