الثلاثاء، 4 أغسطس 2009

لو سمحت ياويليم .. لو سمحت يافريدريك

خبر ورد في معظم الصحف المحلية الأسبوع المنصرم :
وجـّـه طفل سويدي في الخامسة من عمره رسالة إلى رئيس وزراء بلاده "فريدريك رينفيلد" ، يطالبه فيها بحظر بيع الحلوى (البونبون) من أجل مساعدته على وقف تبذير مصروفه ، على ما نشرت الصحف السويدية بتاريخ 25/7/2009 م !
وكتب الطفل في رسالته التي نشرتها صحيفتا "داغنز نيهيتر" و "افتونبلادت" : "صباح الخير فريدريك ! (فريدريك كذا حاف!!) اسمي ويليم وعمري خمس سنوات . هل في وسعك أن تقرر منع المتاجر من بيع الحلوى ؟ سيتيح لي ذلك ادخار مالي لشراء سوار ومكعبات سحرية" . وتلقى الطفل رداً من رئيس الوزراء الليبرالي قال فيه : "يعتقد الكثير من الناس أنه من الرائع تناول بضع قطع من الحلوى من وقت إلى آخر . وإذا لم يكن المرء راغباً بتناول الحلوى فبوسعه أن يختار عدم شرائها !!" كما شجع رئيس الوزراء الطفل على عزيمته بادخار المال وقوّى من عزيمته ..... !!

خبر كهذا جعل ملايين الأسئلة والمقارنات تتشاجر في رأسي لتكتب أولاً في هذه المقالة ! أصدعكم بقليل منها ..
1- مالفرق بين عقلية طفل سويدي في الخامسة ، وعقلية شاب سعودي في الخامسة والعشرين ؟؟
2- كيف عرف الطفل لمن يوجه خطابه ومن هو المسؤول عن مصيبة عدم ادخاره لماله ، في الوقت الذي لا يعلم السعودي لمن يشكو بعد الله ضعف حاله وهوانه على الناس ؟؟
3- أوجد الفروق العشرطعش بين خطاب الطفل السويدي المختصر والواضح ، وبين مقال في مادة التعبير لطالب سعودي في المرحلة المتوسطة ، أو بينه وبين بحث أكاديمي لطالب سعودي في المرحلة الجامعية ؟؟
4- مالذي جعل الطفل يصل لنتيجة منطقية أن الحلوى هي سبب ضياع ماله وتصرف بناءً على ذلك ، بينما السعوديون لا يزالون يدندنون على وتر الأسهم الضائعة دون أن يجدوا لأنفسهم حلولاً عملية تخرجهم من مآزقهم المالية ودون أن يقرروا ولو للحظة واحدة ؛ التخلي عن عاداتهم الاستهلاكية السلبية ؟؟
5- مالتعليم والتثقيف الاستخباراتي السري الذي تلقاه الطفل منذ نعومة أظفاره ، والذي جعله يثق برد من يوجه له خطابه ، والذي يستطيع أن يساعده على بلواه ، بينما السعوديون لا يزالون يدورون من دائرة إلى أخرى تحت شعار تصريفي بحت "معاملتك مو من اختصاصنا" ؟؟
6- مالذي جعل الطفل يخاطب رئيس حكومة بلاده باسمه الأول مجرداً دون ألقاب ، في الوقت الذي تـُـرَد ألوف المعاملات السعودية لخلو ديباجة "خطاب الاسترحام" من صفات التقدير والتفخيم والسمو والمعالي والاحترام ؟؟
7- لماذا لم يتوجه الطفل لأحد كتـّـاب المعاريض لكتابة رسالته ؟؟ أو بمعنى آخر : ألا يستطيع السعودي كتابة خطاب لوزير أو مدير أو حتى غفير دون أن يدفع لأحد كتاب المعاريض ليكتب له ؟؟ ياشماتة أبلة ظاظا فيا !!!!
8- هل رئيس حكومة السويد ماعنده لا شغلة ولا مشغلة عشان يترك كل شغله ويرد على رسالة طفل ، أو وزرائنا وقياديينا هم اللي مقطعين الشغل مرة ؟؟ (على قول عادل إمام : ساب الجيوش والمماليك والإنجليز ، وفضل يوقع على أطباق !)
كيف يتنصل رئيس وزراء السويد من جميع مسؤولياته ومهامه الحكومية ليرد على طفل صغير ؟؟؟ ليش ما يحلل راتبه ويشوف قضايا أهم ؟؟؟؟ سخافة بصراحة
9- مالذي جعل رئيس وزراء السويد ينظر للنصف الممتلئ من الكأس ، فنظر للخطاب بعين الاهتمام ولو كان من طفل صغير ، في الوقت الذي ينظر معظم قياديينا للمعاملة على أنها منكر ومتهم وشيء ناقص حتى يثبت العكس ! فينظرون المعاملة بعين التشكيك والتنقص والبحث عن الأخطاء الإملائية .. وياما معاملات أتأخرت عشان همزة وتاء مربوطة وخاء منفوشة و ذال مذلولة !!
10- هل لو خرج علينا الطفل وليم في مقابلة تلفازية ومعه طفل سعودي في نفس الموقف ، هل ستكون مقابلتهما التلفزيونية واحدة ؟؟ أكاد أجزم بأنه في الوقت الذي سيتحدث وليم عن الركود الاقتصادي وسبب كثرة الطلاق والانتحار في بلاده ، سيكون طفلنا السعودي النجيب يحك مؤخرته بيد ، ويحك أنفه بالأخرى ، وسعبولة أليمة تشق طريقها نحو ذقنه من طرف فمه !!
11- لماذا اتخذ رئيس وزرائهم هذا الدور التربوي ، فشجع الطفل على الادخار ونمّى فيه هذه الصفة الحميدة ولم "يسلخ" الطفل برسالة توبيخ له أو لوالديه ؟؟
12- لماذا كان خطاب الطفل ويليم مختصراً وواضحاً ويصيب قلب القضية مباشرة ، بينما معاريضنا تصل لمجلدات ثلاثة أرباعها "طال عمرك" و "كما تعلمون حفظكم الله" و "نرجو من الله ثم من كرمكم" و "أنت بابا وأنت ماما وأنت أنور وجدي" !!
13- مالذي جعل شخصية طفل في الخامسة بهذه القوة وبهذا الوضوح ، ومالذي جعل بعض أطفالنا وقد وصل على أعتاب المرحلة المتوسطة مازال ينام في أحضان أمه ويبكي لو ابتعدت عنه ؟؟
14- هل هناك أمل أن تصل عقلية وتمييز أطفالنا لنصف مستوى أطفالهم (مثلما آمل أن يصل مستوى منتخبنا الأول لربع مستوى رديف برشلونة) ؟؟
15- هل هناك أمل أن يرد أحد وزرائنا أو قياديينا على رسالة من مواطن مطحون معدوم مهروس مدعوس ، دون أن يكتب معروضاً أو يحب خشوماً أو يلحس رخاماً أو يتصل بفلان أو تكفى يا علان ؟؟
16- هل أن أحوَل ومتشائم أم أن هذه الأسئلة صحيحة وشرعية وغير مقلوبة وفي مواضعها المناسبة ؟؟
17- هل السر في خطاب ويليم ، أم في حنكة رئيس الوزراء ، أم في التربية ، أم في النظام الذي يحترم الكل ، أم في مخي المضروب ؟؟
18- سؤال أوجهه للطفل ويليم : ممكن تعلمني أكتب خطابات لو سمحت ؟؟؟
19- سؤال أوجهه لرئيس حكومة السويد : ممكن تعلمهم يردوا علينا لو سمحت ؟؟؟

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق