السبت، 23 يناير 2010

الذاكرة : تناسخ الأرواح (2)

تناسخ الأرواح فكرة تقول بأنه إذا ماتت الأجساد حلت الأرواح في أجساد أخرى ، بغض النظر عن إنسانية الأجساد أو حيوانيتها ، وقد تكون حشرة أو طيراً أيضاً ، وفقاً لرصيد أعمال المتوفى في حياته السابقة ، فقد يعود في صورة أسد أو ذبابة ليكفر عن أخطائه القديمة والدائمة !! فإذا تساوت الحسنات والسيئات عادت الروح في حياة أخرى - ثالثة - جديدة إنسانية قد تكون في جسد ذكر أو أنثى بغض النظر عن جنس المتوفى في الحياة الأولى أو الثانية .

هذه الفكرة وإن كانت تخالف معتقداتنا كمسلمين ، ولكنها أمر مسلم به عند البوذيين والهندوس ، بل إنها إحدى دعائم معتقداتهم ، ودون الخوض في مناقشات دينية ، يكفي القول بأنهم ما آمنوا بتلك الأفكار عبثاً ، بل لأنهم واجهوا مواقف وأحداث حقيقية - مثبتة علمياً وتاريخياً - صاحبها علم قليل وجهل كثير ، إلى جانب ميل فطري بشري لتصديق الخزعبلات والشعوذة ، فصدقوا تلك الأحداث وفسروها بما يناسب ثقافتهم وعلمهم . ومن تلك الأحداث ذكاء أحد الحيوانات الملحوظ عن كافة بني جنسه ، أو تعلق الحيوان بشخص أو بغضه لآخر دون مبرر ، بل أعطوا أمثلة على إعجاب الإنسان بإنسان آخر أو بغضه له دون مبرر أيضاً ، وتفسيراتهم لا تعنينا - كمسلمين - كثيراً ، كما أنها لا علاقة لها بالنظرة العلمية أيضاً .

النظرة العلمية تؤكد أن الذاكرة التي نحملها في أمخاخنا والتي نحيا بها ومعها لا تختص بنا وحدنا ، بل هي ذاكرة جماعية مشتركة ، توارثناها جيلاً بعد جيل !! وبالتالي فهي عبارة عن عصارة وملخص ذاكرات الأجداد من نسل واحد ، والتي نقلوها إلى الأجيال اللاحقة . وفي كل جيل يتم توريث الذاكرة المكتسبة إلى جانب الذاكرة الموروثة ، فيتم توريث ذاكرة أكبر مع كل جيل ، مما يجعل الأمر أشبه بتوريث مكتبة كاملة من الموسوعات ، مما يعني أن يكون الجيل الجديد أذكى وأمهر وأكثر براعة وحنكة (1) .

وقد أثبت العلم نظرية توارث الذاكرة ، ووضع أسسها وقواعدها منذ بضعة أعوام . ولأن العلم لا نهاية له ، ولأن نهم العلماء لا ينتهي ، فقد استمرت دراسة العلماء للذاكرة وخفاياها وأسرارها وقوتها . وبمصادفة بحتة أثناء الدراسات ، توصل فريق من العلماء لحقيقة مدهشة تـُـعرف بـالذاكرة البشرية التراكمية المشتركة .
وحتى نفهم هذا المصطلح ، لابد و أن نلقي الضوء سريعاً على كيفية عمل شبكات المعلومات والانترنت ، وهي طريقة بسيطة في مفهومها ولكنها معقدة للغاية في تنفيذها .

(يتبع)
______________
(1) نستطيع أن نرى الفرق بين طفل اليوم وبين جيل الأطفال منذ 25 عاماً أو تزيد ، والفرق واضح بين الطفل الذكي اليوم والطفل الساذج سابقاً .

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق