الأحد، 14 يونيو 2009

تعودنا ونسينا

قبل سنين كثيرة كان امتلاك أحدهم لراديو في منزله ، كمن يمتلك شيطاناً رجيماً يتحدث من داخل علبة حديدية !
وكلنا يملك بعض قصص كبار السن عن رجال الهيئة - الحسبة آنذاك - الذين يمرون بالبيوت ويكسرون الراديو في عقر البيوت بحجة أن الشيطان يتحدث من داخل الحديد !
ثم تناسى الكل الأمر واعتادوه ..

وقبل سنين معدودة كان مجرد امتلاك أحدهم لصحن استقبال فضائي (الدش) يعتبر جريمة اجتماعية وأخلاقية ... ودينية في نظر بعضنا !
ولم يكن من المستغرب أن تجد بعض الرجال فوق بعض الأسطح يحملون مسدسات ويطلقون رصاصاتها باتجاه الدشوش ..
ثم تناسى الكل الأمر واعتادوه ..

ثم ظهرت الجوالات ، وأصبح كل حامل للجوال ملعون و "صايع" وابن ستين في سبعين ..
وتدهور الأمر مع ظهور جوال الكاميرا ، وأصبح الكل يتنبأ بزمن الفضائح .. وأعرف الكثيرين الذين قرروا منذ ظهور الجوال أن يمنعوا نسائهم من أخوات وبنات وحتى أمهات من شراء الجوال .. وتعدل القرار بعد ظهور جوالات الكاميرا ليصبح أنه لا مانع من الجوال مادام لا يحوي كاميرا في "مؤخرته" !
والآن .. نفس الأشخاص الذين حرموا نسائهم من الجوالات أولاً ، ثم أباحوها لهم بدون الكاميرات ثانياً .. هم نفسهم الذين يشترون جوالات الكاميرا لنسائهم في المناسبات وأعياد الميلاد والفالنتاين وعيد "التناقض" وعيد "الوصاية الجماعية" !
ثم تناسى الكل الأمر واعتادوه ..

والآن .. لا يزال هوس الوصاية الجماعية والخوف من الأسوأ و حجة "سد الذرائع" هي العائق أمام السماح لقيادة المرأة للسيارة ، وستظل عائقاً أمام كل جديد في المجتمع ..
لن أقول بأن المرأة تقود السيارة في القرى والصحاري ربما من أقبل أن أولد ، و ربما باحتراف اكثر مني أيضاً !
ولكن سأقول : لماذا هذا المنع قبل أن يولد الشيء ؟؟؟ لماذا يصيح بعضهم مندداً بكل شيء يطلبه الشعب متخذاً من الدين بوقاً لردود أفعاله وقراراته ؟؟ لماذا نتوقع الأسوأ دائماً ؟؟ لماذا سوء الظن بشعبنا عامة ، وبشبابنا خاصة ؟؟ لماذا هذا الهلع والرفض الجماعي !
ربما أُسيء استخدام كثير من التقنيات - ولايزال وسيظل - لكن هذا لا يعني المنع الجماعي .. ومسألة سد الذرائع لا تصلح رداً على كل مسألة يواجهها الشعب ، خاصة إذا لم يكن هناك مانع ديني أو اجتماعي (مع وجوب ذكر أننا نحن كشعوب من نفرض هذه الاجتماعيات وليست الاجتماعيات من تفرض نفسها علينا) !

استأنا من الراديو سابقاً ، ومن الدشوش ، ومن الجوالات ثم جوالات الكاميرا ، والآن من قيادة المرأة !
الأمور السيئة تحصل سواء بوجود تقنية أو عدمها .. وهذه سنة الله في الكون أن نخطأ ونستغفر ونتعلم الخطأ ونقنن القوانين لضمان عدم تكرار هذاالخطأ ، ثم نطور قوانيننا مع كل خطأ جديد .. وهكذا تتقدم الدول !
أما أن نمنع كل شيء جديد بحجة سد الذرائع فهذه حجة سامجة باردة غير مستساغة ، تشعر المرء بأنه مهما تعلم و سافر و جرب واختلط وتثقف ، فإنه لا يزال تحت وصاية المجتمع المدني وقوانينه (التي وضعناها بأنفسنا) وأنه لا طائل من هذا العلم ولا هذه الثقافة ولا هذه الحرية في الرأي ولا هذه الحرية في الصحافة مادامت كل الآراء يضرب بها عرض الحائط بكل بساطة ، ومادام بعضنا يصدر قراره من منظور شخصي تربى عليه واعتنقه ، وليس من منظور اجتماعي مدني متفتح مرن يناسب مجتمعنا ولا يخالف شرع الله في المرتبة الأولى !

ما أسوأ مايمكن أن يحصل لو قادت المرأة السيارة ؟؟؟ تحرش ؟؟ اغتصاب ؟؟؟ وليكن .. أتخبرني أنه لا تحرش ولا اغتصاب حالياً بداية من السائقين الأجانب وانتهاء بشباب عاطل متسكع !! فلتكذب على غيري !
أتخبرني أننا بقرار المنع نقلل من حوادث التحرش والاغتصاب ؟؟ أقول لك وما أدراك بأنها ستزيد أم ستنقص ؟؟
لا تزيد التقنية من شيء ، فالسيء والأسوأ في كل زمان ومكان ، بل في أشرف زمان وأشرف مكان ، في مدينة رسول الله في عهد رسول الله .. ألم يكن هناك زنى وشرب للخمور وربا وانتهاك للحرمات ، وما إلى ذلك من الذنوب ورسول الله بين ظهراني أشرف خلق الله بعد الأنبياء ؟؟؟

لا تفكر في القرار من منظورك الشخصي ، بل فكر في حاجة أسر ليس لها عائل لمثل هذا القرار ..
فكر في كل مطلقة وأرملة وكبيرة في السن لا تجد من يقضي حوائجها .. هل وجود سائق يقضي مصالحها أهون وأضمن من قيادتها للسيارة ؟؟ أنت بذلك كمن يقول : أضمن السائق الأجنبي على أهلي ولا أضمن الشباب السعودي على أهلي ! ولا يقاس الأمر بهذه الطريقة ابتداءً !
إن كنت تخشى على أهلك الضرر ، فببساطة لا تشتري لهم سيارة .. لكن لا تلغي تفكيرك وتلغي فكرة ستحل مشاكل كثيرة اقتصادية واجتماعية وأسرية لمجرد أنك تراها بمنظورك السلبي الذي يرى أن كل الأمور سيئة إلى أن يثبت العكس ! ولن يثبت العكس أبداً طالما أن الأمور تقتل في مهدها !!!

ماذا نحاول أن نمنع هنا ؟؟؟ الذنوب ؟؟ وهل يحتاج العاصي لسيارة لينفذ مآربه ؟؟ لم يحتج قوم لوط (كمثال) لسيارات ليتحرشوا بضيوف نبي الله لوط .. وسيظل الناس يذنبون مادامت السماوات والأرض .. ارفعوا عنا هذه الوصاية الجماعية فقد سأمناها ، وأنتم يامواطني السعودية لا ترفضوا كل جديد حتى تجربوه وتوقنوا من عدم جدواه أو بأغلبية مساوئه على محاسنه .. فأنتم بذلك كمن يرفض أن يقود أي سيارة غير سيارته متحججاً بأن سيارته هي الأفضل وستظل الأفضل !

تعقيب شخصي : لو أتيحت الفرصة للنساء لقيادة السيارة ، فسأعلم زوجتي مستقبلاً إن شاءالله القيادة ..
ليس شرطاً أن أعطيها سيارة ، ولكن يكفي أن أعلمها لتزيد ثقتها بنفسها ، وعلى أسوأ تقدير يكفي أن أعلمها القيادة لحالات الطوارئ ..
وتذكر .. كما رفضنا كل تقنية جديدة سابقاً ثم اعتدنا الأمر ونسيناه ، أتمنى أن يأتي اليوم الذي نجرب فيه كل شيء جديد (وليس قيادة المرأة فقط) دون قيود و دون رفض بما لا يخرجنا عن حدود شرعنا .. ووقتها فقط أقول : اعتادوا على الأمر وانسوه ..

هناك 4 تعليقات:

  1. يسلم فمك انا لسه مختلفة مع ماما بسبب موضوع مشابه ياهشام انه دايما جوازتنا واختيارتنا في الحياه بتقابلها بالرفض والتشاؤم وبتفقدنا الثقة في انفسنا من اول الطريق وبعد ذلك يثبت لها الوقت انه احسن اختيار على وجه الارض وتقول : انا اللي شجعتك وانا اللي اخترتلك

    ردحذف
  2. السلام عليكم انا عشان سارة ذي المرة برد مو عشان

    هشام ههههههههههههههه "اتميلح شوي"

    شكرا هشومي على الكلام وانا اذكر لك قصة طريفة حكاها

    الوالد لي وهي حدثت له القصة بالمختصر كان جدي مجرد

    مزراع من الاجداد الاولين اللي اهم شئ عنده الصلاة

    وبعدها المزرعه والحلال فكانوا بحاجة لسيارة فذهب

    الوالد مع جدي الي الطائف لشراء سيارة ونيت وفعلا

    اشتروا السيارة ورجعوا بها الي القرية وتعرف السيارات

    زمان تسخن بسرعة "ترتفع حرارتها" بسبب وعورة الطرق

    وانها كلها جبلية يعني ما ينفع الشبح ولا الماي باخ

    المهم الوالد يقول وقفتها تحت شجرة تين وفتحت الكبوت

    حقها عشان الظل وعشان السيارة تبرد ورحت انا وجدك

    للبيت نتغدى وفجأة جاءت حرمة من حريم الجماعه الله

    يستر عليها تصيح في البيت "الحقوا الحقوا تراها بتاكل

    التين كله الحقها يا عبدالله قبل لا تاكلها كلها

    وهشها بعيد عن الشجرة " الوالد يقول انا قلت يمكن

    فيه شئ عند التينة خليني اشوف وجاءت الحرمة وطليت من

    باب البيت اللي مافيه شئ وقلت لها مافيه شئ قالت

    "وش فيك ما تشوف شوفها فاتحه فمها بتاكل التين"

    يقول الوالد "انا بغيت اموت من الضحك وقلت لها هذي

    ما بتاكلها ولاشئ " المهم الحرمة زعلت وراحت زي اللي

    تقول الحق عليه اني خايفة على حلالكم هي صحيح انها

    حريصة بس انها نتيجة الجهل بالتقنية حدث ما حدث

    خلاصة ما ابغى اقولك دع الايام كفيلة بتقبل هؤلاء

    لقيادة المرأة وخليها تجي حبه حبه بدل ما نفك الحبل

    على الغارب وانا معك ان قيادة المراة اصبحت الان

    ضرورية لكن دع الايام تخفف من وقعها حتى يسهل على

    الناس تقبلها ويصير هناك وعي اكثر لدى الشباب

    اللي لو خلوها تسوق الان بيجيبون العيد انا مع

    القيادة لكن ليس الان بالتدريج

    وشكرا

    "كل ما اكتب حاجة القاها مليانه اخطاء املائية

    فاعذرني والله يعينك على ان تفهم كلامي "


    اخوك / نايف الزهراني

    ردحذف
  3. هلا نايف ..
    كلامك مفهوم ياعسل ..
    القصة مضحكة لكن زي ماقلت انت ، كانت لجهل الناس بالتقنية !! أما الآن فالطفل الصغير يعرف عن التقنية !!

    انت تقول خليها بالتدريج وبعد مايتوعى الشباب شوية ، طيب أنا معاك نخليها بالتدريج ونوعي الشباب .. لكن ايش التدريج المطلوب ؟؟؟ وايش درجة الوعي المطلوبة ؟؟؟
    يعني إذا بنمشي على هذا المنهج ، المفروض يكون قدامنا خطة واضحة ودرجة وعي محددة نحب نشوفها في الشباب ونوصلهم لها .. أما إننا ننظر للأمر نظرة شخصية ونقول حان الوقت للقيادة أو لسه بدري على القيادة ، فبهذا الأسلوب حنحرم نفسنا من حاجات كثير !!

    زي ماقلت لك ، أنا موافق تكون بالتدريج وبالتوعية ، لكن ايش درجة الوعي المطلوبة ؟؟ وايش التدريج المطلوب ؟؟ وايش المانع نبدأ في برامج توعوية من الحين ؟؟ وليش خطة التدريج ماتنحط ونبدأ نفعلها ؟؟

    سامحني اتأخرت في الرد

    ردحذف
  4. عزيزتي سارة
    أشكرك لتفاعلك معانا ، ولعل الأهالي يفرطون مرات في خوفهم على أبنائهم ، ويخافون أكثر من أن يخرج أبنائهم من تحت جوانحهم وينفردوا بآرائهم فيشعر الأهالي بأن لم يعد لهم أهمية ..
    اصبري واحتسبي ، قال تعالى (وصاحبهما في الدنيا معروفاً) ..

    ردحذف