الاثنين، 29 يونيو 2009

حلم و انقضى ..

هاتفته فجراً ليلقي بغياهب النوم جانباً ، غير مصدق بأنها تهاتفه في مثل هذا الوقت ... وبعد كل هذا الوقت !
شهور مضت منذ آخر مرة تعاركا فيها .. ولم يتصور يوماً ولو في أحلى أحلامه أن تتصل به من جديد !
ولكنها الآن تتصل .. اسمها الذي لم يظهر على شاشة جواله منذ زمن ، يظهر الآن منيراً الشاشة ومنيراً قلبه المظلم ومنيراً أملاً جديداً له في الحياة ..

خاطبته وكأنهم لم يتعاركوا يوماً ، بحماسة ومودة وسؤال عن الحال والأحوال ..
لكنه لم يرتح لنبرة التوتر في صوتها .. لم يرتح لشيء يصارع أعماقها للخروج والبوح ..
ولكنه بأسلوبه المشابه لأسلوب أعظم المنوّمين المغناطيسيين استطاع استدراجها لهاوية البوح و الاعتراف .. والفضفضة ..

انطلقت محبوبته القديمة - والحالية - تصف لوعة قلبها وحريق أوشاجها وجزع نفسها وبكاء عينها ببعاد حبيبها ..
ولكنه ولشدة دهشته لم يكن هذا الحبيب الموصوف !! بل كان شخصاً آخر أحبته في غضون شهور فراقهما ..
ولشدة ثقتها بحبيبها القديم وبحصافة رأيه ورجاحة عقله ، هاتفته في هذا الوقت المتأخر - أو المبكر - المقارب لساعات الفجر الأولى لتستشيره ولتلقي بلوعات قلبها في جوف حبيبها القديم !!!
ولشدة دهشته هو شخصياً ، انطوى حبيبها القديم يسألها كمخضرمي العلاج النفسي عن ملابسات القضية ؛ وعن أدلتها و قرائنها الداعمة لقولها .. وانبرت هي كسيلٍ جارف تروي كل شيء معتبرة أن إحساس الحبيبة وحده يكفي كدليل !

لم يدر لماذا يساعدها !!
لماذا يستمع إليها .. بل لماذا ينصت لها !!
لماذا يعتصر خلاياه الرمادية مستنجداً بجميع خبراته الحياتية ليجد لها حلاً سريعاً وقاطعاً ينقذها من حرائقها !!
والأعجب أنه لم يجد تفسيراً لراحته النفسية بعد أن توقفت محبوبته عن البكاء بسعادتها بوصوله لحل يعيدها وحبيبها الجديد كعصفوري جنة !
و زادت راحته بضحكتها الرقيقة التي لم يسمعها منذ زمن !

وحين انتهت المكالمة كان كمن اسيقظ من حلم عميق !
وتوالت الأسئلة دون أجوبة تحاصر خلاياه الرمادية من جديد ..
هل هذا هو الاتصال الذي ينتظره منذ زمن ؟؟؟
هل يحق لمن كانت معه في علاقة سابقة أن تهاتفه لتستشيره في علاقة حالية ؟؟
هل كان صادقاً في مشورته لها ، أم أشار عليها بما يهدم علاقتها الجديدة ؟؟
لماذا هذه الراحة في أعماقه ؟؟
هل يحبها لدرجة أنه يسعد لسعادتها ولو لم تكن معه ؟؟ أم أنه لم يحبها يوماً ؟؟
أم أنه سعيد لأنه لن ينتظر الليالي بعد اليوم منتظراً مكالمة شوق منها ، وسينام مطمئن البال بأنه لم يعد مرغوباً فيه ، وأنه حلم وانقضى ؟؟
أم سعيد فقط لأنه سمع صوتها وضحكتها الرقيقة ؟؟
أم سعيد لأنه يستطيع المضي قدماً في علاقة جديدة دون تأنيب ضمير ؟؟
أم لأنه تأكد الآن من نظريته القديمة بأنها بمجرد انتهاء علاقتهما ستنساه وتبحث عن غيره ! وتذكر وقتها كم كان يحبها ، ولكنه لم يشعر يوماً بالأمان معها ..

وفي لحظة واحدة تحولت مشاعره الإيجابية لأخرى سلبية ؛ وهو يلعن في أعماقه هذه القلوب التي تنسى بسرعة كما تحب بسرعة ..
قلوب أقرب إلى الفنادق منها إلى القلوب ! قلوب لا يلبث ساكنها بالاستقرار فيها حتى يتم طرده بلا هوادة ولأول حدث بسيط !
قلوب بلا قلوب .. وحب أقرب إلى الماء منه إلى الحب ..
أو حب أقرب للهواء .. نعم للهواء .. وتناغمت فكرته مع صوت "حليم" الرخيم المتعالي من رادي الجيران :
"زي الهوا ياحبيبي ، زي الهوا .... و آه م الهوا ياحبيبي ، آه م الهوا"

أي حب هذا الذي لا يغفر الزلات !! وأي قلب هذا الذي يستبدل الأخلاء بهذه السهولة !!
كادت خلاياه تذوب من فرط التفكير .. وهداه تفكيره الحصيف لطوي صفحة قديمة .. وإنهاء حلم قديم ..
فالحزن في القلب .. وعجلة الحياة مستمرة .. ولن يوقف حياته بإسم الحزن بكاءً على شيء مضى وانتهى .. وبكاءً على من لا يبكي عليه ..
فطوى الصفحة .. و أنهى الحلم ..
وكان حلماً و انقضى ..

هناك تعليقان (2):

  1. تراودنا احلام كثيره خلال مسيرتنا في هذه الحياة أعظمها هو أن نجد من يحبه ويحبنا وربما نجده وربما نظل طول العمر نبحث عنه ..
    الذي وجده لم يجد الراحه فيه والذي لم يجده يجد نفسه في دائره مفرغه لا يملأها الا هذا الذي نسميه الحب
    أجمل كلمة تجمع بين شخصين ..
    ترددت كثيرا على موضوعك .. وكلما جئت لأعلق عليه لأجد ما يكفيني من الكلمات لأعبر عن ما بداخلي من إحساس
    ولكن لا يسعني الا ان اقول راااائع وفوق الراااائع
    في انتظار جديدك
    تحياتي
    الاخصائية الاجتماعيه يارا

    ردحذف
  2. قصة رائعة ولكن هل وجد اجوبة لأسألته؟؟
    لماذا هذه الراحة في أعماقه ؟؟
    هل يحبها لدرجة أنه يسعد لسعادتها ولو لم تكن معه ؟؟ أم أنه لم يحبها يوماً ؟؟
    أم سعيد فقط لأنه سمع صوتها وضحكتها الرقيقة ؟؟

    ردحذف